بوتين يزعج الغرب دائماً
تقرير إخباري
يستطيع المرء أن يتكهّن أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الغربيين لن يكونوا مسرورين كثيراً عندما يستمعون إلى حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يوصّف المشهد الحقيقي في العالم دون مواربة، فالرجل الذي يناصبه الغرب العداء منذ استلامه السلطة في بلاده لا يزال يشكّل عائقاً أمام أحلام الغرب في الهيمنة على العالم، وحديثه الدائم عن أن عالماً متعدّد الأقطاب هو البديل الوحيد لنظام الأحادية القطبية الأمريكي لا يمكن أن يروق لكثير من الحكام الغربيين الذين اعتادوا على النظر إلى سائر الشعوب في العالم نظرة فوقية، تؤكّد أنهم لا يرغبون بوجود تنمية في سائر دول العالم، لأن العالم كلّه يجب أن يكون مسخّراً لخدمة هذا الغرب الاستعماري.
فكيف إذا تحدّث بوتين عن ازدواجية المعايير الغربية التي تدعم الجماعات الإرهابية في أماكن كثيرة من العالم، وخاصة في الشرق الأوسط، بينما تطبّق سياسة الانتقام على مبدأ “العقاب الجماعي” لزعزعة الاستقرار في العالم، ومنع الفلسطينيين من الحصول على حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة على أرضهم، وتقرير مصيرهم بأنفسهم بالطرق التي كفلتها شرعة الأمم المتحدة من خلال تطبيق القرارات الأممية المتعلّقة بالقضية الفلسطينية والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني كاملة.
ومن هنا يؤكّد بوتين أن مشاهد الأطفال القتلى والدماء ومعاناة المسنين وقتل الأطباء في الشرق الأوسط يجب أن تؤجّج الحزن لدى الجميع في العالم، لأن التعاطف هنا لا يكفي، وبالتالي على الغرب الجماعي أن يتوقّف عن الدعم الأعمى لإراقة دماء الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل نيل حريته واستقلاله.
فمن الضروري فعلاً “أن نفهم بوضوح من يقف حقاً وراء مأساة شعوب الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم، ومن ينظّم الفوضى القاتلة، ومن يستفيد منها”، لأن “الولايات المتحدة وحلفاءها هم المستفيدون الرئيسيون من عدم الاستقرار العالمي، حيث يريدون استخدام الفوضى لاحتواء منافسيهم وزعزعة استقرارهم.. الولايات المتحدة بحاجة إلى أزمة مستمرة في الشرق الأوسط، لذا فإنها تشوّه سمعة الدول والمنظمات التي تدعو إلى إنهاء إراقة الدماء، بما في ذلك الأمم المتحدة”.
وهذه الولايات كقوة عظمى عالمية تضعف وتفقد مكانتها، والعالم الأمريكي، بهيمنة واحدة، يتعرّض للتدمير، ويتحوّل تدريجياً ولكن بثبات إلى شيء من الماضي، وهذا النهج المدمّر الذي ينهجه الغرب الجماعي في إثارة الصراعات والأزمات الإقليمية سيؤدّي إلى زرع الكراهية وإثارة حيرة الناس في جميع أنحاء العالم، وهو الهدف الحقيقي والأناني لمحرّكي الدمى الجيوسياسيين في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن هنا فإن توجّه روسيا نحو إقامة عالم متعدّد الأقطاب متساوٍ في الحقوق والواجبات لن يروق كثيراً لهذا الغرب الرأسمالي الذي لا يقيم وزناً للأخلاق وحقوق الدول في التنمية المتوازنة والعدالة والاستقرار، وكذلك موقف روسيا المتوازن بشأن الشرق الأوسط الذي لم يكن أبداً قائماً على المصلحة الذاتية أو الازدواجية، وبالتالي إصرارها على أن مفتاح حل المشكلة هو إنشاء دولة فلسطينية كاملة العضوية وذات سيادة، لا يستطيع هذا الغرب قبوله لأنه سينهي إلى الأبد المصلحة الغربية في نشر مناخات التوتر وعدم الاستقرار، وهي بالدرجة الأولى استمرار الهيمنة.
طلال ياسر الزعبي