كل ما يُربحهم هو الصحيح..!!
قسيم دحدل
لن نجادل في شبه المسلمة الاقتصادية التي تقول “كلما كبر تصديرنا، كلما كبَّرنا دورة الحركة الاقتصادية وقاعدة الإنتاج”، لكن الجدال يفرض نفسه حين تتراجع صادراتنا لحدود قد تنبئ في القريب العاجل، وليس في البعيد الآجل، بعكس ما نأمل به من نتائج إيجابية لمقدار الدعم الذي تقدّمه الحكومة للتصدير والبالغ نسبته 25%، وكذلك بعكس ما يعمل عليه فريقنا الاقتصادي من إجراءات وقرارات يعتقدها، نظرياً، ناجعة، لكنها واقعياً وبالتجربة قد تكون خلاف ذلك، حيث القطاع الخاص مُتطلب دائماً ولا يعجبه العجب، كالطفل الرضيع الذي لا يكفّ عن الصراخ، رغم العناية الفائقة لأمه به!!.
بناءً على ما سبق، وبحسب هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات، تشكل منتجاتنا الزراعية نحو 70% من إجمالي صادراتنا إلى الخارج، ومع ذلك نستغرب – مثلاً لا حصراً أيضاً– كيف يحتج المصدّرون في القطاع الخاص على إلغاء إعفاء المنتجات الزراعية المُصدّرة مما يُسمّى بـ”رسم المرفأ”، وذلك بداية الشهر العاشر من العام الجاري، متناسين كمّ التسهيلات والإعفاءات والدعم المقدم لهم ولصادراتهم وخاصة الزراعية، واعتبار الأخيرة ذات وضع خاص، ولذلك كان لها ما حظيت به من اهتمام ودعم تصديري.
المفارقة أن المصدّرين أنفسهم يعترفون بأن المنتج الزراعي يُرجِّع 100% من قيمة صادراته، ومع ذلك لا يتقبلون إلغاء رسم واحد، تكاد قيمته لا تذكر، علماً أن هذا الإلغاء قد تكون عائداته لصالح أكبر، ويكون منتهاها (عائداته) لقطاع التجارة أو حتى الصناعة، أي لصالح المصدّرين والصناعيين أنفسهم!.
على ما يبدو أن قطاعنا الخاص ولأنه اعتاد الأخذ دائماً دون “العطاء”، أصبح أنانياً للحدّ الذي أصبح يتذمر من أي قرار لا يساهم في تضاعف وتراكم أرباحه، ضارباً عرض الحائط بأي أمر قد يكون فيه فائدة وتعزيز للاقتصاد الوطني، والذي من المفترض أن يكون جزءاً مهماً فيه، وبالتالي مع دولته على “الحلوة والمرة!!”.
على “الحلوة والمرة”، مفهوم لا تستسيغه العقلية التي اعتادت جني المال وزيادة الثروات، وتحُمِّل الدولة منيَّة كونها تكاد تكون المصدر الأوحد -بعد الحوالات- للقطع الأجنبي، متناسية فضل هذه الدولة فيما وصلت إليه من ثروات، سواء قبل الأزمة أم خلالها!.
عقلية تحتاج “تزييت” لعلّها تقتنع بأن الاقتصاد مرونة لا جمود، وأن التجارة ربح وخسارة كما يردّدها الخاص دائماً، ومع ذلك يناقض نفسه حين لا تكون كل القضايا على هواه!!.
Qassim1965@gmail.com