وعود عرقوبية…!!
غسان فطوم
الحديث عن “حكي” المسؤولين ووعودهم هو حديث الساعة في كلّ بيت، وحتى في أماكن العمل، وربما في كلّ مكان وزمان، فالناس تعبت وملّت والحالة المعيشية تأزّمت، ووصلت إلى طريق مسدود!.
المواطنون جرّبوا كلّ عمليات الحساب في محاولة لإنعاش الراتب ليوم جديد، لكن دون جدوى، فهو يلفظ أنفاسه الأخيرة نهاية اليوم الثالث من الشهر على أبعد تقدير تاركاً الجيوب فارغة طوال الـ 27 يوماً الباقية من عمر الشهر، وهي تستغيث بصوت مبحوح “لله يا محسنين”.
وعودٌ كثيرةٌ تتبخّر في الصيف وتتجمّد في الشتاء، وهي أقرب إلى المسكنات المنتهية الصلاحية، فلا يكاد ألم المعاناة يبرد حتى يشتعل من جديد أقوى مما كان، وسط خيبة أمل غير مسبوقة لجهة تعثّر تحسّن الظروف، فها هو العام الحالي شارف على الانتهاء وما زالت الوعود ضائعة، فلا وضع الكهرباء تحسّن، ولا انخفاض الأسعار تحقّق، ولا أحوال المواطن المعيشية تحسّنت، وغيرها من فيض الوعود، وكأنّ أصحابها مصابون بالتخمة الكلامية التي وزنها أطنان وفعلها غرامات!!.
اليوم لو سألت أياً كان عن حاله، لن يتردّد بالقول “يزداد سوءاً”، والسؤال: متى ستُتخذ التدابير والإجراءات التي تجنّبنا الأسوأ اقتصادياً والمؤلم معيشياً في ظلّ ارتفاع معدلات التضخم واستمرار التدهور المخيف للقدرة الشرائية لليرة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، هل يعقل أن يصبح ثمن البيضة بحدود 2500 ليرة، وكيلو الرز بـ 16000 ألف، وهل يعقل أن تزداد أسعار الاتصالات وباقات الانترنت أكثر من مرتين خلال عام؟!
إن الأرقام والإحصائيات عن تدني مستوى المعيشة وارتفاع نسب الفقر وهجرة الشباب، وكثرة جرائم السرقة، وازدياد نسب المتسرّبين من المدارس والجامعات، وتعدّد حالات الطلاق بشكل لافت، وغير ذلك من الظواهر، والكوارث المقلقة في مختلف المجالات، تضعنا أمام لوحة قاتمة الألوان رسمتها ريشة الواقع الصعب الذي لم تعد تنفع معه الحلول الترقيعية، ولا سياسات وخطط الهروب إلى الأمام، فهل فقدنا قدرتنا على تحمّل المسؤولية؟ ألم يحن الوقت من أجل تغيير شكل التعاطي مع دزينة “أزماتنا ومشاكلنا” بعد 12 عاماً من الحرب، وخاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة التي كانت حبلى بأطنان من الوعود والكلام المنمّق؟ وإلى متى نبقى نجترّ أسطوانة الوعود العرقوبية التي لم تعد تنطلي على المواطن السوري الذكي؟!.