أشعار نزار قباني بالنستعليق والكوفي والديواني والثلث في معرض جماعي
ملده شويكاني
“آه يا شام كيف أشرح ما بيّ/ وأنا فيك دائماً مسكون”.. لوحة الفنان المبدع د. محمد غنوم، يلفها اللون الأزرق وتحيط بها الخطوط المنحنية والممتدة المتداخلة بين التمازجات اللونية للأبيض والأزرق لتكتمل بهالة اللون الأصفر، أضافت تألقاً إلى معرض الخطّ العربي لأجمل أشعار نزار قباني، الذي أقيم في المركز الثقافي العربي-أبو رمانة-
وقد حفل بكلماته المحمّلة بحنينه إلى الشام إلى بيته الذي شبهه بقارورة عطر، وإلى حاراتها ومآذنها وقاسيونها ووردها الجوري وياسمينها، بتشكيلات حروفية مختلفة من حيث توزيع متتالية الكلمات ضمن فضاء اللوحة وبأنواع مختلفة من الخطوط، من الديواني والكوفي والثلث وطغى النستعليق مع منمنمات وزخارف بسيطة وتشكيلات متفاوتة بين المشاركين، لاسيما أن المعرض يضم ثلاثة فنانين: الأستاذ الجامعي د. محمد غنوم والفنانة ريم قبطان رئيسة جمعية بيت الخط العربي والفنون والفنان الخطاط م.أحمد سوار، إلى جانب مجموعة من الطالبات.
الشام أجمل المفردات
ويأخذ المعرض طابع المعرض الاستعادي والجديد، كونه عرض لوحات أنجزت وعُرضت سابقاً تناولت أشعار نزار قباني مع نتاج الطالبات الحديث. وقد تخلل المعرض بعض النثرات التراثية، منها مطلع الأغنية التراثية ” يا طيرة طيري ياحمامة” التي كتب كلماتها أبو خليل القباني جدّ نزار قباني. ولم تغب فلسطين التي خصّها نزار قباني بشعره، لتبقى الشام أجمل المفردات وكانت القاسم المشترك بين اللوحات.
الشعر بصرياً
توقفت “البعث” مع د. محمد غنوم الذي شارك بمجموعة لوحات ضمن فنية أسلوبه وخاصية اللون الأزرق، تغنت بالشام: يا شام، إن جراحي لاضفاف لها/ فامسحي عن جبيني الحزن والتعبا.
ومن قصيدة أخرى: يا شام يا شامة الدنيا ووردتها/ يا من بحسنك أوجعت الأزاميلا.
وأوضح بأن قلة قليلة من الشعراء الذين يطرب لشعرهم ويحوّله إلى عمل تشكيلي، وفي مقدمتهم نزار قباني، لأن أشعاره ليست للغناء والإنشاد فقط، وإنما للرسم أيضاً، لذلك اشتغل مجموعة لوحات من أشعاره وفي الوقت ذاته اختار مجموعة أبيات تبدأ بمفردة ” ياشام” نداء ومخاطبة للشام، لأن من يعشق الشام كثُر في هذا الكون، إلا أن الشاعر نزار قباني حرّض الناس على حبّها أكثر.
الشاعر والخطاط
أما من حيث التنفيذ والتقنية فتابع: اشتغلتُ على مسألتين: كلماته والموسيقا البصرية التي أعزفها من خلال الألوان وخصوصية تجربتي، فأرى بأن تجربتي تؤدي خدمة لشعر نزار بصرياً، وهو شاعر اللوحة، وكثيرون لا يعرفون أنه كان يكتب الخطّ العربي، فهو تلميذ الخطاط الكبير بدوي الديراني.
وأرى أنه من الضروري مشاركة المتلقي بعلاقتي بنزار قباني ليس كشاعر بالكلمات فقط، وإنما كشاعر باللون والأحرف والتشكيل.
الكلاسيكي والتشكيلي
أما الفنانة والخطاطة ريم قبطان فشاركت بمجموعة أعمال عبّرت عن مسار تطور تجربتها بالخطّ والتشكيل، فدمجت ببعضها بين المنمنمات والزخارف الملونة والخط، مثل:
والفل يبدأ من دمشق بياضه/ وبعطرها تتطيب الأطياب/ والدهر يبدأ من دمشق وعندها/ تبقى اللغات وتحفظ الأنساب.
إذ أحاطت الإطارات الذهبية بالكلمات ونثرت الزخارف والمنمنمات الملونة على فضاء اللوحة، لتعتلي الوردة الشامية بلونها الوردي اللوحة، وبالأسلوب ذاته وبتأثير ألوان الذهبي على خلفية اللوحة المزينة بمنمنمات الأزهار الحمراء، خطت:
مآذن الشام تبكي إذ تعانقني/ وللمآذن كالأشجار أرواح/ طاحونة البن جزء من طفولتنا/ فكيف أنسى؟ وعطر الهيل فوّاح.
بينما دمجت في لوحاتها الأخرى بين الرسم والخط، منها لوحتها التي صوّرت فيها جزءاً من الحارة الدمشقية بين الواقعية والتعبيرية ورسمت ابنتها متمسكة بالحائط الذي خطت عليه: وأرجعيني إلى أسوار مدرستي/ وارجعي الحبر والطبشور والكتبا/ تلك الزواريب كم كنز طمرت بها/ وكم تركت عليها ذكريات صبا.
كما نثرت الأحرف المنفصلة على تكوينات اللوحة. وعقبت في حديثها بأنها رمزت من خلال هذه اللوحة إلى معاناة الأطفال أثناء الحرب الإرهابية على سورية واضطرارهم لترك مدارسهم بسبب التهجير.
وتابعت بأنها شاركت بأحد عشر عملاً تم إنجازها عبْر مراحل من 2016 إلى 2023، بخطوط متنوعة محورها الديواني والفارسي- النستعليق-وفق قسمين، كلاسيكي خط مع زخرفة، ورسم مع الخط وتبدو فيها ضربات الريشة أقوى بألوان الزيتي.
بساطة الخطوط والألوان
واتسمت أعمال الفنان م.أحمد سوار من أعضاء البيت الدمشقي بالبساطة من حيث الرسومات والزخرفة، من أجملها لوحته التي رسم فيها وجه نزار بتحديدات الخط الأسود تحيط به هالة من اللون الأخضر في جانب اللوحة وخطّ بشكل طولي قصيدته العاطفية: إن رفّ يوماً كتابي/ حديقة في يديك
وقال صحبك: شعر يقال في عينيك/ لا تخبري الورد عني إني أخاف عليك.
وبيّن بأنه شارك بسبعة عشر عملاً، توخى فيها البساطة بالرسم والألوان فأنجز لوحات خفيفة يكون محورها الخطّ العربي، معتمداً على ألوان الغواش والباستيل والمائي وقلم الرصاص، مستخدماً أنواعاً عدة من الخطوط مثل لوحة:
فرشتُ فوق ثراك الطاهر العتبا/ فيا دمشق لماذا نبدأ العتبا.
إذ استخدم النستعليق والديواني والثلث، مبيّناً بأن المفردة هي التي تحدد نوع الخط، واللعب بالأحجام.
كما قدم تجربة بالتشكيلات الحروفية لمفردة شام بخط الديواني، إذ رسمها بطبقات وألوان عدة بحركة دائرية تحيط، بالبيت الشهير: يا شامة الدنيا ووردتها/ يا من بحبك أوجعت الأزاميلا.
الكوفي والأكليريك
ومن طالبات ريم قبطان قدمت د. حنين حامد لوحة رسمت فيها الورد الجوري بالمائي وكتبت بالخط الكوفي الفاطمي باللون الوردي بألوان الأكليريك ” أنا وردتكم الدمشقية” كما خصّت فلسطين بلوحة ” غداً سيزهر الليمون” باللون الأزرق الغامق بالأكليرك بالخط الكوفي محاطة من الجانبين بأوراق الليمون وزهره، وبتأثير قبة المسجد الأقصى، فتناغم الخط الكوفي مع الأقصى.
وأصغر المشاركات ألمى عبد اللطيف في الصف السادس من طالبات ريم قبطان أيضاً، خطت بالذهبي” هنا لغتي” بالخط الكوفي ورسمت مدواة الحبر والريشة ورقعة الورق في أعلى اللوحة بالأكليريك.