هيروشيما القرن الواحد والعشرين
تقرير إخباري
واليوم بعد مضي شهر على العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، يمكن اعتبار غزة هي هيروشيما القرن الواحد والعشرين، فجيش الاحتلال اعتبر أن كل شخص موجود في القطاع هو هدف مشروع، وأنه لا يوجد مدنيين في غزة، فأغدق جام وحشيته وتعطشه للقتل على سكان غزة وباقي البلدات المحتلة، ولم توفر آلة القتل والإبادة الصهيونية، لا طفل ولا امرأة ولا شيخ، بل دمرت الحجر والبشر بدم بارد، بغية تهجير السكان والسيطرة على قطاع غزة وتهويده وتهويد كل فلسطين.
وبالطبع كل ذلك يتم برضا ودعم الحليف الأمريكي والغرب عموماً، وكما قال الجنرالات الأمريكيين إبان العدوان على اليابان وإلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي: ” بالنسبة لنا، لم يكن هناك مدنيون في اليابان، بل فقط أعداء يجب تدميرهم حتى النهاية”.
هذا ما يحدث في غزة تماماً، فالكيان الإسرائيلي المحتل يعتبر كل الفلسطينيين أعداءه وليس فقط سكان غزة، بدليل ما كتبته في الأيام الأخيرة، شبكة “سي إن إن”، وما ورد في أعمدة صحيفة “نيويورك تايمز”، فقد أشارت “السي إن إن” على لسان السيناتور ليندسي غراهام، الرجل الذي يرتكب مجازر أسرع من ظله والذي ينتصر في كل حروبه من خلال مضاعفة الاقتراحات الدقيقة والحتمية لإذابة القنابل، إن أمكن، على المدنيين دون أي شك أو أدنى تردد، بل على العكس تماماً، ولكن على أمل أن تتصرف “إسرائيل” بذكاء بقتل عدد قليل فقط، وليس عدداً كبيراً جداً من المدنيين. مضيفاً أنه يجب على الولايات المتحدة أن تقف إلى جانب “إسرائيل” في حملتها ضد غزة، بغض النظر عن الخسائر الفادحة التي تفرضها على السكان المدنيين ، وقارن العدوان على غزة بقتال الحلفاء ضد ألمانيا النازية واليابان خلال الحرب العالمية الثانية.
وفي مقابلة أخرى مع شبكة “السي إن إن”، سئل غراهام ما إذا كان هناك ” سقف” محدد للعدوان على غزة، فكانت إجابته بالنفي، مؤكداً أنه لا يوجد حد لما يجب أن تفعله “إسرائيل”، وأشار إلى أن “إسرائيل” يجب أن تكون “ذكية” في محاولة الحد من الخسائر في صفوف المدنيين، داعياً إلى توجيه المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تحمي الأبرياء، لكن عن أي أبرياء يتحدث غراهام؟
أما صحيفة “نيويورك تايمز”، فقد نشرت مقالاً في اليوم التالي، أشارت فيه إلى أن كل شيء سيستمر وفقاً للخطة، وأن وسائل الإعلام الأمريكية علمت أن الاستراتيجيين الإسرائيليين الأقوياء اكتشفوا نموذجاً جيداً لحل مشاكلهم، وخاصة مشكلة الإسكان، فطبقوا نموذج هيروشيما، 7 آب 1945… ومؤكدة أن الحكومة الإسرائيلية مستعدة لقتل أعداد كبيرة من المدنيين من أجل هزيمة المقاومة في غزة، وقد أبلغت شركائها الأمريكيين بذلك في “محادثات خاصة”. وأكدت الصحيفة أنه بات واضحاً للمسؤولين الأميركيين أن القادة الإسرائيليين يعتقدون أن الخسائر البشرية الفادحة في صفوف المدنيين كانت ثمناً مقبولاً في الحملة العسكرية، مضيفةً أن المسؤولين الإسرائيليين أشاروا إلى “القصف المدمر”، بما في ذلك استخدام الأسلحة الذرية ضد غزة، ما يذكر بالقنبلة الذرية في هيروشيما وناغازاكي، التي استخدمتها الولايات المتحدة ضد ألمانيا واليابان خلال الحرب العالمية الثانية. المقال المنشور في صحيفة “نيويورك تايمز” لفت انتباه المحامي والناشط ستيفن دونزيغر، الذي أشار في حسابه على “إنستغرام” إلى أن هذا يمكن أن يساعد في تفسير الحجم الهائل للوفيات بين المدنيين والأطفال التي تحدث حالياً في غزة، “يمكن لهذه العقلية أن تفسر أيضاً سبب قيام “إسرائيل” بإسقاط قنبلة ضخمة على مخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان في غزة، ولماذا يبدو أنها تستهدف المدنيين.
هيفاء علي