هل تتورط الولايات المتحدة بحرب أخرى في المنطقة؟
تقرير إخباري
تتجه الولايات المتحدة نحو حرب أخرى في الشرق الأوسط، حيث تستعد إدارة بايدن لمثل هذا السيناريو، لكن واشنطن لا تتخذ الإجراءات الكافية لمنع وقوع مثل هذه الكارثة. كما يتزايد الخوف بين الرأي العام الأمريكي وفقاً لاستطلاع حديث أجرته جامعة “كوينيبياك”، حيث كان 84% من المشاركين إما قلقين “جداً” أو “إلى حد ما” من إمكانية دخول الولايات المتحدة إلى الصراع.
إذا كانت الإدارة الأمريكية لا تريد الدخول في حرب أخرى في الشرق الأوسط، فعليها أن تمنع الصراع من جذب جهات فاعلة إضافية من جميع أنحاء المنطقة. ويبدو أن الطريقة التي تُدار بها الحرب في الوقت الحاضر تجعل هذه النتيجة أكثر احتمالاً. في أعقاب الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الأول، زادت الولايات المتحدة بشكل كبير من وجودها العسكري في الشرق الأوسط على أمل ردع صراع إقليمي أوسع، ونشرت مجموعتين من حاملات الطائرات، تضم كل منهما حوالي 7500 فرد، ومدمرتين بصواريخ موجهة، وتسعة أسراب جوية في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر. ونشرت أيضاً 4000 جندي إضافي في المنطقة، مع 2000 جندي آخرين على أهبة الاستعداد، إضافة إلى حوالي 30 ألف جندي موجود بالفعل في المنطقة.
يأتي هذا التعزيز مع تصاعد الصراع بشكل كبير، حيث راح ضحية الحرب أكثر من 10.000 فلسطينياً في غزة، كما تصاعد العنف في الضفة الغربية، حيث استشهد ما يقدر بنحو 152 فلسطينياً على يد المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين وجنود جيش الاحتلال منذ بدء الحرب.
من هنا تحتاج إدارة بايدن إلى إدراك حقيقة أن حرباً أوسع في الشرق الأوسط ستكون مدمرة للولايات المتحدة والمنطقة. ونظراً للضعف العسكري النسبي الذي يعاني منه شركاء أمريكا الإقليميون، فقد تكون مجهدة في مثل هذا السيناريو ، وسوف يكون لزاماً على واشنطن أن تتحمل النصيب الأكبر في القتال، وأن تتحمل غالبية تكاليفه. ومن شأن مثل هذه الحرب أن تؤدي إلى مستويات جديدة دراماتيكية من التزامات الولايات المتحدة وتشابكاتها في المنطقة. ويأتي خطر نشوب حرب في الشرق الأوسط في الوقت الذي تنخرط فيه الولايات المتحدة بشكل كبير في مساعدة أوكرانيا ضد روسيا، ومحاولة ردع الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، في حين تتحمل ديناً وطنياً يصل إلى 33 تريليون دولار، وعجزاً في الميزانية يصل إلى تريليون دولار وأكثر كل عام في وقت السلم.
إن فتح جبهة جديدة في الشرق الأوسط مع محاولة تحقيق مصالح واشنطن المعلنة في أوروبا، ومنطقة المحيط الهادئ والهندي يهدد بإغراق أمريكا في أزمة اقتصادية. وغني عن القول أن مثل هذه الحرب ستكون كارثية بالنسبة للشرق الأوسط نفسه، إذ ستؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. ومن شأن الحرب أن تهدد بتمكين الجهات الفاعلة غير الليبرالية في جميع أنحاء المنطقة على حساب الاستقرار الحقيقي.
إن التكاليف البشرية والمادية الباهظة ستعاني منها منطقة الشرق الأوسط لأجيال قادمة، وينبغي أن يكون واضحاً من العقود العديدة الماضية أن إلقاء الأموال والأسلحة والأصول العسكرية على المنطقة غالباً ما يكون له عواقب سلبية عميقة. وفي هذه الحالة، تخاطر واشنطن بمزيد من التصعيد وحتى بالتورط المباشر في حرب على مستوى المنطقة. لذلك يحتاج بايدن إلى توضيح أن المصلحة المركزية للولايات المتحدة هي البقاء بعيداً عن صراعات الشرق الأوسط، وتجنب الانجرار إلى حملة عسكرية مدمرة في جميع أنحاء المنطقة.
عناية ناصر