الشوندر السكري خارج الخطة الزراعية في الغاب
حماة – ذُكاء أسعد
لم يكن مستغرباً عزوف الفلاحين عن زراعة الشوندر السكري بعد ما حصل خلال المواسم الأخيرة، والموسم السابق حصراً، من تأخر باستلام المحصول وتجفيفه وما نتج عن التأخير من تلف وتعفن الشوندر، وبالتالي الخسائر الكبيرة التي تكبّدها المزارعون، إضافة للتأجيل والتأخير والمماطلة بتسليم قيمة المحصول، حيث أجمع العدد الأكبر من فلاحي الغاب على امتناعهم عن الزراعة هذا الموسم وعدم التعاقد مع شركة السكر بسبب معاناتهم الكبيرة من قلة الدعم واستهتار المعنيين بمحصولهم، حسب رأيهم، مشيرين إلى الاتجاه نحو زراعة البقوليات والعدس والكمون واليانسون نظراً لانخفاض تكلفة زراعة هذه المحاصيل، حيث لا تحتاج للأسمدة والمحروقات، ولما لها من جدوى اقتصادية كبيرة وأسعار مرتفعة في السوق وبالنتيجة الربح المؤكد من زراعتها.
وأكد مدير الثروة النباتية في الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب المهندس وفيق زروف عدم وجود خطة لزراعة الشوندر هذا العام، سواء أكانت عروة خريفية أم شتوية، لعدة أسباب أبرزها عدم رغبة الفلاحين بالتعاقد مع الشركة لارتفاع تكاليف الزراعة وعدم ملاءمتها مع أسعار المحصول، وصعوبة تأمين المستلزمات في الأوقات المناسبة، وهذا ما أكده أيضاً حافظ سالم رئيس اتحاد فلاحي حماة، معتبراً أن أسباب عزوف الفلاحين عن زراعة محصول الشوندر لهذا العام، تعود لمعاناتهم في تأمين مادة المحروقات والأسمدة، وعدم جاهزية معمل السكر وعدم وضع تسعيرة جديدة، حيث إن التسعيرة القديمة لا تتناسب مع تكاليف الإنتاج، علماً أن مادتي المحروقات والأسمدة لمحصول الشوندر غير مدعومتين مما اضطر الفلاحين لشرائها بالسعر الحرّ، وهذا ما أدى لارتفاع التكاليف أضعافاً.
وأوضح الخبير التنموي أكرم عفيف أن سياسة التسعير الحكومية وإدارة الموارد الفاشلة ستؤدي لا محالة لانهيار زراعة محصول الشوندر السكري شأنه شأن القطن والقمح، فمن غير المقبول تسعير كيلو الشوندر بـ 350 ليرة أو 400، بينما تُقدّر تكلفة زراعته بـ 600 ليرة، ولاسيما أن الكغ منه يحتوي على 150 غرام سكر و800 غرام من المكون العلفي الذي يُقدّر بـ 200 ليرة، بينما يتجاوز الكغ من تبن الجلبانة 1700 ليرة.
وفي ظل هذه الوقائع، بيّن المهندس الزراعي محمد جغيلي أن الأسباب المذكورة سابقاً كفيلة بامتناع الفلاحين عن الزراعة، وبالتالي خسارة هذا المحصول الاستراتيجي وتوقف شركة سكر سلحب وتدمير الاقتصاد الوطني، وهذا يؤكد فشل وزارتي الصناعة والزراعة الذريع في تفادي الأخطاء السابقة، وبالتالي تتحمل الحكومة مجتمعةً هذا الفشل،
وأشار جغيلي إلى ضرورة محاسبة المسؤولين ممن وضعوا القرارات الخاطئة المؤدية لتلك الخسائر الكبيرة، وإعادة النظر بكافة الإجراءات الحاصلة خلال الفترة السابقة والتي لا تقلّ عن 5 سنوات، مع وضع خطط عملية من قبل خبراء متخصصين وميدانيين يعملون على أرض الواقع وليس من خلف المكاتب والتنظير مثلما حصل ويحصل دائماً، ووجوب استنفار جميع الفعاليات المعنية والطاقات لإعادة دورة الحياة والاقتصاد إلى التنفيذ فيما يخصّ الزراعة والأمن الغذائي، معتبراً أنه لا يمكن الاستمرار بهذه الأدوات والعقلية التنظيرية البعيدة عن الواقع وغير القادرة على التنفيذ والتي تسبّبت بشلل زراعي وجوع وفقر.
والمتابع لواقع زراعة الشوندر في الغاب يجد أنها كانت تعيش مرحلة ازدهار قبل أن تتراجع خلال السنوات الأخيرة، حيث عملت به مئات العائلات، وكانت تحقق مورداً مادياً جيداً منه، بالإضافة إلى تشغيل شركة سكر سلحب وتأمين نسبة كبيرة من إنتاج واحتياج سورية من السكر والخميرة المستخدمة في صناعة الخبز، والأعلاف للثروة الحيوانية.