غزة… “غيرنيكا” العصر الحديث
تقرير إخباري
أي شخص يتحدث علناً ضد الفظائع التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين ويندد بها، يُتهم تلقائياً بمعاداة السامية، في حين أن ما يحدث في غزة هو انتفاضة السجون ضد القمع الإسرائيلي الدموي.
في عام 1948، ضرب الكيان المحتل الأراضي الفلسطينية مثل النيزك، فأحرق كل ما حولها وخلفت حفرة عملاقة، ومنذ ذلك الحين، قام بطرد الفلسطينيين من أوطانهم إلى مخيمات اللاجئين، في حين اكتظت سجونه بالفلسطينيين. إن معركة الفلسطينيين ضد الكيان المحتل هي معركة المظلومين ضد جلاديهم، بينما يدعي الصهاينة أنه في عام 1948 “عادت “إسرائيل إلى وطنها التاريخي”، علماً أن اليهود لم يصلوا بقيادة النبي موسى إلى مكان خالي أو إلى صحراء، بل وصلوا إلى أراضٍ يسكنها شعب مزدهر هم الكنعانيون – الذين بنوا المدن وزرعوا بساتين الزيتون. ولكن عندما جاء اليهود قاموا بتدمير المدن الكنعانية وذبحوها كلها وألقوها في الحفر. لقد أبادوا الكنعانيين بنفس الوحشية التي يبيدون بها غزة اليوم، والتي تحولت إلى مدينة أشباح، جراء العدوان الوحشي، وتحولت غزة إلى غرفة غاز يموت فيها الأطفال والمسنون. ومن يريد أن يفهم الكفر والقسوة، ما عليه سوى النظر إلى أنقاض غزة التي تنزف دماً، حيث يصرخ كل حجر بصوت طفل مقتول، وحيث تمتلئ كل بقايا جدار مدمر بصلوات النساء والشيوخ القتلى. أما الكيان المحتل فهو الطفل المدلل لدى واشنطن، ويتلقى دعماً لا محدود بكافة الأشكال، حيث تتدفق مليارات الدولارات من أمريكا لتغذي جيش الاحتلال الإسرائيلي وتدافع عن النظام الذي تريده أمريكا.
كل من ذهب إلى غزة ورأى كيف يعمل معسكر الاعتقال هذا، شاهد بأم العين كيف يحيط بالحدود البرية لغزة جدار خرساني ضخم، ويعلو هذا الجدار أسلاك شائكة ومزود بأبراج وأجهزة استشعار بصرية وأجهزة استشعار للرؤية الليلية، وبالتالي أي شخص يقع في مجال رؤية هذه المعدات القاتلة يُقتل بنيران مدفع رشاش آلي. تتم مراقبة الشريط الساحلي ليلاً ونهاراً من قبل زوارق الدورية الإسرائيلية التي تمنع قوارب الصيد الفلسطينية من الوصول إليه. فما كان أمام الفلسطينيين خيار آخر سوى محاربة هذا الحصار كما يفعل السجناء في كل مكان.
اليوم وأمام أعين العالم أجمع، تُقتل غزة، ويعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جلساته الفارغة دون تقديم أي فائدة تذكر، ودون اتخاذ أي خطوة تضع حداً لهذا العدوان. كان بيكاسو قد رسم لوحة كبيرة بعنوان “غيرنيكا” عن مدينة دمرها الفاشيون، وغزة اليوم هي غيرنيكا العصر الحديث.
هيفاء علي