رِهاب الحق وإرهاب الباطل
غالية خوجة
للحق رِهاب يصيب الإرهاب الباطل بفوبيا أزلية، وتظلّ رهبة الحق حاضرة لأنها مهما حدث ستنتصر، مهما مارس الإرهاب جحيمه الواقعي والافتراضي، لأن الإرهاب موقن أن الحق حق منتصر بحقوقه الأبدية.
ولربما اكتشف الفارغون من الديمقراطية، الظلاميون المدمرون باسم الديمقراطية، كيف أن لهذه الديمقراطية التي وقّعها الديمقراطيون ومن غسلوا أدمغتهم بها، كيف تحمل “السيوف الحديدية” للاحتلال الصهيوني، وكيف تقصف بكافة أنواع الأسلحة المحرمة البيوت والمشافي والمدارس على أهاليها العزّل، وتقتل الأطفال والنساء والمرضى، تدمّر المزيد من أرض الوطن الفلسطيني فوق رؤوس مواطنيه الفلسطينيين، تحرق الناس والأرض والفضاء، وتسمي الجحيم الذي تشعله مع زبانيتها ليلاً نهاراً فقط ديمقراطية دفاعية رغم أنها تعلم حقيقتها الاحتلالية وبأنها بلا وطن!.
وهذه الديمقراطية المقنّعة مدعومة بقنابل الفوسفور الأبيض والقنابل الحرارية أو الفراغية وغيرها من الأسلحة المحرمة عالمياً، علماً أن القتل محرم مطلقاً، والإبادة محرمة مطلقاً، وبكافة الشرائع والتشريعات السماوية والأرضية والدولية.
ترى، أين الجهات المقنّعة بالإنسانية مما يحدث في غزة وإبادة أهلها؟! أين المقنّعين الذين وظفوا العواطف أقنعة فتباكوا على أطفالنا السوريين وجثثهم وغرقهم؟ أين هؤلاء الذين صنّعهم الإرهاب الباطل ليساهموا في الإرهاب والذبح والتدمير وهم مقنّعون بإنسانية هم براء منها؟ أين جهات حقوق الإنسان والبيئة والحيوان؟ أين محكمة العدل الدولية من كل هذه الجرائم المضادة للإنسان والأوطان والبشرية والأرض والعالم والكون؟!.
“سقط القناع عن القناع” كما قال محمود درويش، سقط منذ أزمنة، منذ الوعد المشؤوم والنكبة وما تلاها من عدوان احتلالي يحرق الأمة العربية، وسقطت وما زالت تسقط معه أقنعة تلو الأقنعة، وليس آخرها الفضاء التكنولوجي الديكتاتوري، القامع، الإرهابي، التدميري، القمعي الذي يقفل ويغلق جميع الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف مسمياتها وبكافة الحجج وأوهاها، ليمارس ديمقراطيته الجحيمية وساديته الاحتلالية على كلّ من يقف مع الحق، مع الوطن، مع وطنه العربي، مع الحق الفلسطيني.
وما هذه السلوكيات التي يقوم بها الإرهاب الواقعي والافتراضي على حدّ سواء سوى رهابٍ من الحق، وإيقانٍ منه بأنه إرهابي وباطل، وإيقانٍ متيقّن من جميع شعوب الأرض بأن هذا المحتل ومن يدعمه إرهابي جحيمي تدميري احتلالي قاتل، ويصرّح بكل وقاحة إرهابية بأن الناس الآخرين مجرد “حيوانات”!.
إذن، الإرهاب والديموقراطية، كما ثبت بكافة الأدلّة، وجهان لهدف تدميري احتلالي واحد أصبح مكشوفاً للناس كافة في شرق الأرض وغربها، شمالها وجنوبها، جهاتها وجهات الأزمنة ومنها جهة التأريخ الذي يدوّن هذه المجازر التي لا تُحصى بين هولوكوست واقعي يمارسه الاحتلال الصهيوني على الفلسطينيين، وهولوكوست افتراضي يمارسه داعمو الاحتلال الصهيوني في المجازر الواقعية والمجازر التكنولوجية التي تمنع صوت الحق، وتغلقه، وتحاربه وتبيده أيضاً في هذا الفضاء العنكبوتي، لأنها موقنة أيضاً بأنها والكيان الصهيوني المحتل أوهن من بيت العنكبوت.
الحقّ ومنذ شروقه الأول غالب لكل باطل، وعبْر الأزمنة والعصور، ومنها الأزمنة القديمة التي لم تعرف الثورة التكنولوجية، لأنه الأقوى مهما حدث، لذلك، أعارض من يقول مع القائلين: البقاء للأقوى، لأن البقاء للحق، والحق، دائماً وأبداً، هو الأقوى بالحق.
لذلك، الحق لا يحتاج لشبكة عنكبوتية ديكتاتورية قامعة ظلامية تدميرية تغلق الأفواه وتحرق الحياة والناس والأوطان، والحق شمس واضحة لا تحتاج لدليل لتثبت أنها الحق، والإرهاب بكل أقنعته أصبح واضحاً للناس كافة، فلا الأقمار الصناعية تشفع له، ولا كمّ الأفواه بإرهابه المقنّع بالديمقراطية، ولا وسائله الإعلامية المزيفة، ولا تلفيقاته عميقة التزييف، وكل هذا وأكثر منه أصابه بالرهاب من الحق الذي سيزلزله مهما طال الزمان به، لأن الباطل سراب فانٍ، والحق ضياء باقٍ، والوطن وأهله ضياء، “فبأي آلاء ربكما تكذبان”؟.