الحكم الأخلاقي ليس بالأمر الصعب
تقرير إخباري
يشهد العالم أجمع كابوساً إنسانياً يتكشف في قطاع غزة، حيث ينقطع مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة، عن العالم الخارجي . ونتيجة لنقص الوقود، يستمر عدد الوفيات بين المرضى في الارتفاع، ولم يعد المستشفى قادراً على القيام بعمله المعتاد.
بغض النظر عن كيفية تبرير هذه الأعمال الوحشية، إلا أن هذا المشهد سيصبح ندبة لا تمحى في تاريخ الحضارة الإنسانية، وفي غياب أدلة ملموسة وفي ظل القوة العسكرية الإسرائيلية الساحقة، اخترقت الصور المتعلقة بمستشفى “الشفاء” الحصار وانتشرت في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى تدفق التعاطف الدولي مع المدنيين في غزة ودعوات قوية لوقف فوري لإطلاق النار . ورغم أن التمييز بين الصواب والخطأ في الحرب يشكل تحدياً في بعض الأحيان، إلا أن التوازن الأخلاقي يكون واضحاً عندما يصل الوضع في غزة إلى هذه النقطة، وبهذا فإن إصدار حكم أخلاقي في هذا الشأن ليس بالأمر الصعب.
وبعيداً عن الأقوال والأفعال، فإن المبادئ الأساسية المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والاتفاقيات المختلفة، يجب ألا تكون غير واضحة أو تحيد عنها . إن المبدأ الأساسي المتمثل في ضرورة حماية الجرحى والمرضى والمدنيين والعاملين في المجال الطبي وسيارات الإسعاف ومرافق الرعاية الصحية هو المعيار الأوضح والأكثر أساسية.
لا شك أن مثل هذه التفاصيل والصور الصادمة قد أثرت على الرأي العام وضغطاً أخلاقياً على الأطراف المتصارعة، فقد كانت هناك عدة حوادث في تاريخ العالم غيرت فيها صورة واحدة مسار الحرب . والآن، كل ثانية تمر في الأزمة التي تعاني منها مستشفيات غزة تعني خسارة في الأرواح، وهناك حاجة ملحة لتعبئة وتنظيم دعوات دولية لوقف إطلاق النار و إحلال السلام على نطاق أوسع.
من المؤسف أن الولايات المتحدة وأقرب حلفائها الغربيين مازال موقفهم غامضاً، فمن ناحية، يصرون على عدم “وقف إطلاق النار فوراً” ، ومن ناحية أخرى، وتحت ضغط قوي من الرأي العام الدولي والأخلاق، فإنهم يدلون بتصريحات مثل “لا نريد أن نرى معارك بالأسلحة النارية في المستشفيات”.
لم تعد المسألة هو ما إذا كان ينبغي وقف الكارثة الإنسانية المتصاعدة في قطاع غزة، بل في كيفية منع هذه المأساة. ومن الواضح أنه ما دام القصف المدفعي مستمراً، فإن المعاناة هناك سوف تتفاقم، ولا ينبغي أن يكون من الصعب على المجتمع الدولي التوصل إلى إجماع أساسي بشأن هذه المسألة . وفي مواجهة الكارثة الإنسانية، فإن الاختيار بين السعي وراء المصلحة السياسية الذاتية أو التمسك بالأخلاق والضمير لا يشكل اختباراً للأطراف المتصارعة فحسب، بل إنه يشكل أيضاً اختباراً للدول الغربية التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تدعي أنها تعطي الأولوية لحقوق الإنسان.
عناية ناصر