الخطاب العنصري الصهيوني يستدعي إستراتيجية للمواجهة
البعث الأسبوعية- ريا خوري
لم تتوقف الآلة الإعلامية الصهيونية عن الخداع والمراوغة، وتقديم المعلومات الكاذبة للعالم ، واللعب على العقول، وتغيير الحقائق في أخطر عملية بروباغندا في التاريخ. تلك العملية متساوقة ومنسوخة مع ما قدمه السياسي الألماني النازي بول يوزِف غوبلز، وزير الدعاية للرايخ الألماني من عام 1933 حتى 1945صاحب مقولة ( إكذب وإكذب ثم إكذب تُصَدَّق ). ومقولة : ( أعطني إعلاماً بلا ضمير، أُعطيكَ شعباً بلا وعي ) .
كما لم تتوقف الآلة العسكرية الصهيونية عن قتل المواطنين الفلسطينيين الأبرياء في قطاع غزة بطريقةٍ وحشيةٍ غير معهودة في التاريخ العسكري الحديث والمعاصر، فقد انساق العالَم أجمع وراء الدعاية الصهيونية ( البروباغندا) التي تم ويتم تسويقها بشكلٍ غير مسبوق، وعلى نطاقٍ واسع ، بخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، حيث يتمثَّل في تلك الدعاية ( البروباغندا) خطاب الكراهية الممجوج ، أي خطاب معاداة السامية، لكن من النادر ما يتم القيام بأيّة التفاتة بالمساءلة والنقد والتجريم لهذا الكيان الغاصب، الذي يُمارس تلك الإستراتيجية الإعلامية الصهيونية المُمنهجة، التي تروِّج لعقيدة وخطاب الكراهية، والتمييز العنصري، والتعصّب ضد الشعب العربي الفلسطيني بخاصَّة، والشعب العربي بعامَّة التي تبناها ودعمها ونفَّذها قادة الكيان الصهيوني ومفكروه القدماء منهم والجُدُد.
لكن الضمير الإنساني العالمي إزاء هذه الكراهية، وهذا التمييز بقي خجولاً لدرجة التواطؤ المفضوح، وقد تم افتضاحه مؤخراً من خلال التصريحات المتلاحقة للمسؤولين الصهاينة تجاه فلسطين والشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في حرب غزة ، وهو تبرير قتل النساء والشيوخ والأطفال الفلسطينيين المدنيين العُزَّل وممارسة أقسى أشكال التدمير والعنف الوحشي في حقِّهم بداعي أنَّ الكيان الصهيوني لا يقوم سوى بعملية إبادة جماعية لما أطلق عليه بــ ( حيوانات بشرية) قاصداً الشعب الفلسطيني.
أفكار عنصرية
هذه الأفكار المفرطة في عنصريتها تم استنساخها من التلمود البابلي وتحديداً في (سدر نزيكين) فقد انتهج الكيان الصهيوني الغاصب حالياً وبشكلٍ علني ومكشوف أمام العالم أجمع سياسة الضرب على الوتر الحسّاس في الوعي الجمعي لدى قادة العالم، وقادة الرأي العام في العالم الغربي الأوروبي – الأمريكي على وجه الخصوص، والدفع بالعمل على استخدام خطاب ( الإسلاموفوبيا) أي معاداة الإسلام، و( الزينوفوبيا) أي معاداة وكراهية الأجانب بشكلٍ عام، بهدف تمريره وربطه بتنظيم ( داعش) الإرهابي، والدعوة لمحاربة الدين الإسلامي كونه ينتج (قوى إرهابية)، والدعوة لمحاربة الأجانب والمهاجرين في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وتحديداً الاتحاد الأوروبي . كل ذلك خدمةً لأجندة تم رسمها ووضعها في مخططاتهم التوسعية، والسيطرة على منطقتنا العربية ومقدراتها وثرواتها الهائلة .
إستراتيجية المواجهة
لقد حان الوقت للتفكير الجدي بوضع ما يمكن أن نطلق عليه (إستراتيجية المواجهة ) التي يجب أن تكون إستراتيجية مدروسة ومُحكمة، استعداداً لخوض المعارك السياسية والإعلامية والفكرية لكشف الخطاب العنصري الصهيوني والغربي الأوروبي ـ الأمريكي ضد الشعب الفلسطيني بخاصة والشعب العربي بعامَّة . لقد استندت جميع خطابات القياديين والمسؤوليين السياسيين الصهاينة على فكرة نزع صفة الإنسانية عن الشعب العربي الفلسطيني، وبدا ذلك واضحاً في تصريحات مجرمي الحرب يوآف غالانت وزير حرب الكيان، ورافائيل إيتان رئيس أركان جيش الكيان الصهيوني، وقبلهما الحاخام عوفاديا يوسف الزعيم الروحي لــ ( حركة شاس ) الدينية وهو حزب صهيوني شديد التطرّف لليهود الشرقيين المتدينين، وأريئيل شارون.
هذا الخطاب المتصف بالعنصرية المفرطة تسرَّب إلى خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما وصف ما يجري في فلسطين جرَّاء عملية طوفان الأقصى بــ ( الشر المحض) معتبراً أنَّ عملية طوفان الأقصى شكلاً من أشكال الإرهاب في محاولةٍ يائسة تتسم بالكذب والمخادعة لتبرير العدوان الوحشي لقوات العدو الصهيوني ضد الشعب العربي الفلسطيني.
هذه السياسة الإجرامية المراوغة والاسطوانة ( المشروخة) التي يستخدمها الكيان الصهيوني منذ نشأته وحتى يومنا هذا، بما يمثِّلُ أقصى درجات التطرف والعنصرية المفرطة وازدياد أعراض التعصُّب الأعمى، بالاعتماد على هذه الإيديولوجية في ترويج البغضاء والكراهية، ويساعدهم في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي الداعم بلا حدود المشبَّع بالثقافة العنصرية الصهيونية المفرطة، وهو ما نراه في صمته وتغاضيه عن جرائم الحرب البشعة، وعمليات الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان بحق المدنيين العزَّل في قطاع غزة، وقمع تحركات المنظمات والجمعيات الحقوقية والإنسانية، والأصوات المدافعة عن حقوق الشعب العربي الفلسطيني. فقد ظهرت تصريحات مثيرة للجدل من جانب عدد كبير من القادة الأوروبيين ذهبت بعيداً في هذا الاتجاه، دعت وتدعو صراحةً وبوقاحة غير معهودة إلى الرد القاسي جداً على عملية طوفان الأقصى، كان منهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اتخذت حكومته إجراءات صارمة جداً إزاء أي تظاهرة ضد الكيان الصهيوني وعملياته الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني، أو رفع لشعارات مناهضة لــ ( إسرائيل) ومساندة الشعب الفلسطيني، تصل حد العقوبة القاسية جداً، حيث قالت رئيسة الوزراء الفرنسية في هذا الصدد إليزابيت بورن بتاريخ 11 / 10 / 2023، إنَّ فرنسا لن تتسامح مع أي عمل أو أي تصريح معادٍ للسامية على أراضيها، وقالت متوجهة إلى الجالية اليهودية: في فرنسا: “نحن معكم. الهجوم عليكم هو هجوم على الجمهورية بأكملها”.
كما أكَّد جيرالد دارمانان وزير الخارجية الفرنسي .
هذه القضية الهامة والخطيرة نثيرها في وقت اشتداد الهجمة الصهيونية ـ الأمريكية ـ الغربية على الشعب العربي الفلسطيني على قطاع غزة، وهناك شعور بأنَّ المفكرين والساسة وكبار المثقفين العرب، والإعلام العربي بشكلٍ عام، مقصِّرون في دحض ومواجهة الأيديولوجية الصهيونية العنصرية المفرطة البغيضة، وفي التوجه نحو تعرية وفضح هذه السياسة الصهيونية الوحشية والعنصرية التي تتغوَّل في العقل العربي والعقل الغربي الأمريكي ـ الأوروبي، التي تذهب إلى حد تقديس كل ما هو يهودي، وتدنيس وإذلال كل ما هو عربي، وهذا شعورٌ يسود في العالم حسب ما يريدون، وتم ترسيخه في أذهان الجميع بأنَّ كل مقاومة للمحتل = إرهاب: في فلسطين، ولبنان، والعراق، وأفغانستان..