“الحركة التصحيحية والتضامن العربي ضرورة وطنية وقومية مستمرة” في ندوة حوارية على مدرج دار البعث
دمشق – زينب محسن سلوم
بالتزامن مع إحياء شعبنا للذكرى الـ53 للحركة التصحيحية المجيدة، أقيمت ندوة فكرية تحت عنوان “الحركة التصحيحية والتضامن العربي ضرورة وطنية وقومية مستمرة” دعت إليها اللجنة الشعبية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني، ومؤسسة القدس الدولية – سورية، وفصائل المقاومة الفلسطينية، أدراها الدكتور صابر فلحوط رئيس اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني، وذلك على مدرج دار البعث بدمشق.
استهل الحديث الدكتور سمير الرفاعي، سفير السلطة الفلسطينية في سورية، متحدثاً عن أهمية القضية الفلسطينية في تجسيد الوحدة العربية للشعب السوري والفلسطيني والسعي إليها في جميع الأحوال؛ كونها تشكل مع التضامن العربي العلاج لجميع مشكلات وأزمات الأمة العربية، مبيناً أن الوحدة والتضامن العربي لم يكونا مجرد فكرة نظرية في أدب الحركة التصحيحية، بل هما فكر متجذر وأصيل في عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي، فالوحدة هي فاتحة شعار الحزب، وكانت الهاجس للقائد المؤسس حافظ الأسد عند قيامه بالحركة التصحيحية المجيدة، موضحاً أن الحركة التصحيحية قامت بعدها بثلاث سنوات حرب تشرين التحريرية، وهذا دليل قوي على حضور فلسطين في فكر القائد المؤسس، فمنذ التصحيح بدأت الخطوات والعمل لخوض حرب تشرين، وبناء التضامن وحشد الطاقات العربية لخوض الحرب ضد الكيان الإسرائيلي لاستعادة الأرض المحتلة.
كما تحدث السفير عن وحشية العدوان الإسرائيلي على غزة الذي أودى حتى الآن بحياة أكثر من 5 آلاف طفل، ناهيك عمن هم تحت الأنقاض حتى تاريخه، وعشرات ألوف الجرحى، مؤكداً أنه لو كان هناك تضامن عربي حقيقي لما شاهدنا هذه الويلات، وحتى سلاح النفط لم يتم التلويح باستخدامه من قبل العرب ضدّ الغرب رغم ويلات العدوان المسترة.
وختم بالقول: إن “الشعب الفلسطيني لا زال يراهن على عودة أرضه العربية المقدسة لشعبها الأبي، وهذا لن يتحقق إلا في ظل نضال عربي حقيقي وتضامن عربي فعال. النصر لنا طال الزمان أم قصر. القدس عاصمة فلسطين طال الزمان أم قصر”
بدوره، الدكتور خلف المفتاح، مدير عام مؤسسة القدس الدولية – سورية، قال: إن الاحتفال بذكرى الحركة التصحيحية هدف بحد ذاته؛ فمن واجبنا إحياء بعض الأسماء والرموز وبعض الأعوام في تاريخنا، نكرسها كذخيرة لنا في مواجهة التحديات، مبيناً أن الحركة التصحيحية لم تكن طفرة، بل اقتضتها الظروف التي كانت سائدة في حين قيامها، والتي جعلت “البعث” يفكر في إعادة النظر في سياساته، بعد استلامه السلطة منذ عام 1963 سواءً على صعيد نبذ الخلافات الداخلية، أو على صعيد الحزب والمجتمع والحاجة للوحدة الوطنية السورية. فهي إذاً مطلب حزبي وجماهيري وليست مجرّد مطلب من القائد المؤسس، وذلك لكي يجدد الحزب نظرته السياسية وهذا هو التصحيح، كما جدد الحزب سياساته على المستوى العربي والدولي، وحتى الحديث عن تحرير فلسطين تغير لأنه بعد نكسة عام 1967 أصبحت هناك أراضٍ عربية محتلة ويجب تحريرها إضافةً إلى الأراضي الفلسطينية.
ورأى الدكتور المفتاح أن التصحيح لم يكن حاجة على مستوى سورية فحسب، بل على صعيد بناء العلاقات العربية، وعلى المستوى الدولي أيضاً، وذلك للتمكن من حشد القوى والرد على نكسة حزيران في ظل قطيعة داخلية وقطيعة مع الدول العربية والدول الصديقة، مشدداً على أن الهدف الأول كان هو الوحدة الوطنية وتوحيد القوى الوطنية وإيجاد الجبهة الوطنية التقدمية، وتغيير الإيديولوجيا الصلبة لفكر الحزب، ومؤكداً أن اتحاد الجمهوريات العربية هو سبب أساسي في خوض حرب تشرين، ولو بقيت تلك الوحدة لكانت سبباً في انتصارات أعظم.
وختم: إن ربيع سورية الحقيقي يكمن في عهد السيد الرئيس بشار الأسد، الأمين العام للحزب، بعد سيره على نهج التصحيح، وتبنيه التطوير والانفتاح على جميع الصعد الاقتصادية والسياسية، كما أنه يقود الآن الجيش العربي السوري للدفاع عن سورية وتحرير كل الأرض العربية المحتلة.
وفي وصفه للواقع العربي الحالي قال أبو جهاد طلعت، مدير مركز الدراسات الفلسطينية التابع لحركة الجهاد الإسلامي: أن الاستعمار القديم خطط قبل مئة عام لزرع الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وبث التفرقة بين الدول العربية، ثم استخدمت أمريكا هذا الكيان كحاملة طائرات ثابتة متقدمة في المنطقة وظيفتها الأساسية المحافظة على مصالحها في المنطقة، وتكريس التفرقة والتجزئة العربية ونهب ثروات الأمة العربية النفطية والغازية، مؤكداً أن الكيان الصهيوني هو العصى الغليظة للغرب للقضاء على حركات التحرر في المنطقة لكي لا يكون وحدة عربية أو تضامن عربي أو حتى موقف عربي.
وبين أن “طوفان الأقصى” جعل هذه القاعدة تهتز بقوة وعمق، وصاحب هذه الحاملة، الرئيس الأمريكي جو بايدن هرع للقاء رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني في “تل أبيب” للقول له: لا تخف سنرسل لك حاملتي طائرات إضافية لكي تحميك من “خطر العرب” في هذه المنطقة.
وأضاف: التضامن العربي له علاقة مهمة بطوفان الأقصى، فمن دونه سيكون لدينا مشاكل كثيرة، ولن نتمكن من متابعة خطى المقاومة والتحرير.
وأشار الدكتور تركي حسن، محلل سياسي، إلى أن التضامن العربي ليس شعار وجد إبان الحركة التصحيحية، بل رفع قبلها في عام 1945 من قبل الجامعة العربية، وفي عام 1950 طرح في ميثاق الجامعة كخطوة تمهيدية للوحدة العربية، وفي عام 1957 وقعت سورية ومصر والسعودية واليمن وثيقة تضامن عربي نشأ عنها ميثاق التضامن كفكرة موجودة، وفي عام 1948 تضامن العرب للمشاركة في قضية العرب المركزية والدفاع عنها، أيضاً في عام 1957 وقف العرب مع مصر ضدّ العدوان الثلاثي، وكان كل ذلك أيضاً تضامناً عربياً، مضيفاً: الستينات علمتنا درساً في التضامن، فكان المشكلات بين الرجعية والتقدمية العربية، وفي الداخل يمين ويسار، هذا كله مهد لقيام الحركة التصحيحية.
وتابع: من النتائج الهامة بعد تدعيم البناء الداخلي في سورية وإزالة القطيعة مع الدول العربية، والعالم، حرب تشرين التحريرية، مبيناً أن السابع من تشرين الأول من عام 2023 هو من وهج حرب تشرين وانتصارها وتجديد للمقاومة، وسورية دعمت وأطلقت كل الفصائل الفلسطينية دون تمييز فيما بينها بغض النظر عن بعض الأخطاء التي حدثت من البعض، إلا أن سورية لا زالت على موقفها في تبني نهج المقاومة.
وأكد أن أهمية السابع من تشرين تكمن في أنه ورغم قيام الكيان بقطع كل أسباب الحياة عن غزة، ما زال الشعب الفلسطيني صامداً ومقاومته تتابع نضالها وانتصارها رغم عدد الشهداء والجرحى من المدنيين العزل من أهل غزة، وهم يرسمون الخطى الثابتة لهزيمة الكيان الصهيوني واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني بكل الوسائل.