حوار مع الشاعر العراقي نصير الشيخ.. النص الشعري نسيج جمالي من لغة عالية ومرهفة
هويدا محمد مصطفى
حين تقرأ الشعر وتلقيك القصائد في قارورة تتضوع عبقاً، لتسكب أريجها في انفعالات الورق لابد لك من الاعتراف أن الشاعر يجسد شعره في قصيدته عبر رؤى خاصة، وطرح وجداني صادق ضخت فيه الشاعرية ماءها العذب لينسكب عطراً في أرواح المعاني.
صدر للشاعر “شجر من محنة الوقت”- “في أعالي الكلام”- “مساقط الظل”- “كأس لحياة أخرى”… أنه الشاعر العراقي نصير الشيخ الذي أخذنا إلى عالمه الإبداعي من خلال هذا الحوار..
- لكل ولادة حكاية فكيف كانت بدايتك الأدبية وكيف تقدم نفسك للقارىء؟
النهر لا يختار مجراه، بل يشق طريقه عبر السهول والوديان. الصِبا كان النبع الأول في تدفقه، إذ كانت القراءات الأولى للكتب الأدبية عموما ودواوين الشعر بعيداً عن المقرر المدرسي، هو أنا ذلك الصبي الذي حاول مبكراً اصطياد معنى الحياة، باحثاً عنه في عيون الأطفال وابتسامات النساء ورسائل العاشقين وأضواء الشوارع ومتون الكتب.
- بمن تأثرت وجعلك تكتب قصيدة دون استئذان و ما هي القصيدة التي مازالت عالقة بذاكرتك؟
تلك الحمحمة البدئية وذلك الإحساس المرهف بالعالم والوجود، كانت الدافع للكتابة وكان التدوين الأول لي على الورق نهاية السبعينيات من القرن الماضي، مقطوعة نثرية رومانسية نشرت لي في وقتها على صفحات جريدة الراصد العراقية، رافقتها بهجة لا توصف وأنا أرى اسمي مكتوب في الجريدة… منها انفتحت لي بوابات الشعر وحتى اللحظة وأنا أسير الكتابة شعراً ونقداً.
- هل تحدثنا عن أعراض ومضامين مجموعاتك الشعرية؟
الشاعر كونٌ قلقٌ… وينبوع دفاق يصل ماءهُ إلى مديات لاتحدُ، والنص الشعري نسيج جمالي من لغة عالية ومرهفة، وإيقاعية تملئ جسد النص، وصور شعرية مبتكرة ترتقي بالذائقة الشعرية، كلها من تصنع معمارية النص الشعري. وبالتأكيد للواقع سطوتهُ في التأثير على الذات الشاعرة، من هنا في مخبري أبصر الواقعة وأقشرها و أعيد رسمها شعراً، واعتقد جازماً أن هذا هو جوهر الشعر، إنه زاوية التقاط حادة لبروق سماويةٍ ووقائع مادية على حد سواء.
- قصائدك هل تأتي من صدق التجربة أم شحنة الروح وهل للتمكن اللغوي لديك من تأثيرات في تشكيل الصورة بشكلها الأبهى؟
بكل تأكيد لابد من صدق التجربة في العملية الشعرية، بتوصيف قدرتك على النظر في أعماقك والتحديق فيها واصطياد كنوز الكلام ولمعة الرؤى، صعوداً إلى مخيلة تكتنزُ فيها بروق الآلهة .. من هنا تجدين نصوصي سلسلة متعاقبة من الصور الشعرية تنضفرُ فيما بينها بشكل أبهى.
- لكل شاعر مرجعياته التخيلية والجمالية لبناء عالمه الإبداعي. ما هي ينابيع أنهارك الشعرية لتأسيس القصيدة؟
الجمرة المتوقدة في أعماقي، الإحساس بجدوى الكتابة، والموقف من العالم كـ ” رائي”.. وإيماني الراسخ بقدرة الشعر الحقيقي ليس بتغيير العالم، وإنما بجعله متوازناً على الأقل في أزمنة القبح والحروب. وبالطبع تبقى القراءات المعمقة والاطلاع على التجارب العالمية في حقول الفكر والثقافة والأدب، مع التأمل فيما حولك ، ومن ثم اجتراح فلسفة خاصة بك من شانها رسم ملامح وجودك الشعري.
- ما رأيك بالنقد وهل يواكب مسيرة الشعر وهل الكاتب يحتاج للنقد برأيك؟
النقد مساحة كبرى في حقول الأدب، والنقد لم يعد تابعاً لوجود النص أو القصيدة فقط، النقد أضحى في اشتباك مع النص، إن لم نقل نصاً على نصٍ، يذهب عبر آلياته إلى متون المعنى وزخرفة الشكل، ويفعل دينامية النص الشعري ويضئ مفاصل منه، ويكشف بلاغته وجمالياته،..أما هل الكاتب يحتاج النقد، فالمسألة ليست ” هبة” أي انتظار الشاعر لما يقوله الناقد عن قصيدته لتكون جواز مرور، أو أن الشاعر يستقطرُ مديحاً أو تقريعاً له، لا …النقد هو آليات لمواجهة النص سواء بصبغته الأكاديمية ، أو من غير منهج بصيغتهِ المعيارية .
- كيف تتجلى صورة المرأة في قصائدك؟
المرأة كائن فاعل في حياتي، وعنصر جمالي متميز في قصائدي ونصوصي، وهي مرة حاضرة من لحم ودم نشرب القهوة معاً ونقرض الشعر، ومرة خيالاً يبرق في الذات والذاكرة ..المرأة مساحة حرة في حياتي ووجود مكتنز بكل ماهو جميل ومراوغ .
- ما هي مشاريعك المستقبلية؟
يبقى الكاتب مشروعاً مستديماً ومنفتحاً على أفاق أوسع … والكتابة ميدان لا يصل إلى نهاياته أحد… بالنسبة لي مستمر في الكتابة وهي كالآتي : 3 مخطوطات دواوين شعر.. كتاب في السيرة والمكان .. وكتاب قراءات في الفن التشكيلي العراقي .