دراساتصحيفة البعث

بايدن ورهانه السيء على شريكه الفاشل نتنياهو

عناية ناصر

لن تقضي حرب “إسرائيل” على المقاومة الفلسطينية، بل ستقضي على نتنياهو، وستؤدي إلى موته السياسي، وإلى سقوط حكومته الفاشية وإنهاء مسيرته السياسية. وإلى جانب ذلك ستسقط نظرية الجيش الذي لا يقهر،حيث هُزم لأن المقاومة الفلسطينية  لم تُهزم من قبل جيش نتنياهو الخاسر.

تصاعدت جرائم الحرب التي تقوم بها قوات الاحتلال منذ بداية الحرب، وغرق جيش نتنياهو في مستنقع حرب الإبادة التي ارتكبتها آلة القتل، وغمرتها دماء الأبرياء والشهداء في غزة، كوسيلة للتعويض عن أمنها وفشلها العسكري وخسائرها من خلال قتل الأبرياء والضعفاء في المخيمات والمستشفيات والمدارس. لقد لجأ الجيش إلى ارتكاب المجازر انتقاماً لشجاعة المقاومة ومواجهتها للقوات الغازية والاشتباك معها والتي ألحقت بهم خسائر في الجنود والعتاد.

ويستمر الدعم الأمريكي غير المشروط بالأسلحة والمعدات والأموال، حيث خصص الكونغرس 14.3 مليار دولار، إضافة إلى 3 زيارات قام بها وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن. لكن تعرضت السياسة الأمريكية للإهانة في جلسة استماع في مجلس الشيوخ، من خلال ظهور ناشطين مناهضين للحرب وأياديهما مصبوغة باللون الأحمر كرمز للدم، والذين كانوا يصرخون: “أوقفوا قتل أطفال غزة. أوقفوا الحرب الآن”.  ونتيجة لضغط الرأي العام والمظاهرات المستمرة قرب البيت الأبيض، اقتحم نشطاء مبنى الكونغرس وأكبر محطة قطار في نيويورك.

اليوم يواجه بايدن ووزيرة خارجيته بداية تمرد داخل وزارة الخارجية وجناح الحزب الديمقراطي في الكونغرس لدعم بايدن الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” ضد الفلسطينيين في انقسام داخل الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن!  ويرافق ذلك تراجع شعبية بايدن في استطلاعات الرأي العربية الأمريكية بسبب دعمه لجرائم الحرب الإسرائيلية ورفضه وقف إطلاق النار بحجة أن المقاومة الفلسطينية ستستفيد منه ويسمح لها بإعادة تنظيم صفوفها متناسية إبادة “إسرائيل” لـ  12 ألف فلسطيني من بين الذين استشهدوا أو فقدوا تحت الأنقاض بالسلاح والترسانة والتمويل والغطاء الأمريكي.

إن الصمت الأمريكي أمام جرائم قوات الاحتلال ومستوطنيه الممنهجة، هو بمثابة ضوء أخضر لها لقتل الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، واحتلال منازلهم، وحرق سياراتهم، وتدمير محاصيلهم الزراعية في الضفة الغربية.

وبحسب تحليل نشر مؤخراً في مجلة ” فورين بوليسي” الأمريكية، فإن هناك حالة من التململ من قبل المسؤولين في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي والأمم المتحدة و مؤسسات الدولة العميقة، وهذا ما أكده أكثر من 10 مسؤولين حاليين وسابقين في مقابلات مع مجلة “فورين بوليسي”. وتظهر الإحصائيات أيضاً تراجع دعم الناخبين العرب الأمريكيين لبايدن، حيث صوت 59 في المائة من الناخبين العرب الأمريكيين للمرشح جو بايدن في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 ضد منافسه دونالد ترامب . وعلق الدبلوماسي المخضرم والخبير السابق في وزارة الخارجية لشؤون المفاوضات العربية الإسرائيلية، هارون ديفيد ميللر، قائلاً: “خلال 25 عاماً من العمل في وزارة الخارجية، لم أر شيئاً كهذا من قبل.  يبدو الأمر كما لو أن الإدارة تتوسط في صراعها الداخلي الإسرائيلي الفلسطيني. وذلك بسبب الإفلاس الأخلاقي لإدارة بايدن”

ووفقاً لآخر استطلاع للرأي، انخفض دعم الناخبين العرب الأمريكيين من 59% في عام 2020 إلى 17% اليوم بسبب موقف بايدن العدائي والداعم لحرب الصهاينة على غزة . وإلى جانب الانتقادات اللاذعة من الديمقراطيين التقدميين، اتهمت النائبتان إلهان عمر من أصل صومالي ، ورشيدة طليب من أصل فلسطيني، بايدن بدعم حرب الإبادة التي تشنها “إسرائيل” ضد الفلسطينيين .

وهذا يدق ناقوس الخطر داخل الدولة العميقة والحزب الديمقراطي ويضعهم في حالة تأهب قصوى، مما يعني أن “إسرائيل” ونتنياهو لم يصبحا عبئاً ثقيلاً فحسب، بل يجعلان بايدن أيضاً شريكاً في جرائم القتل.  ومن خلال القيام بذلك، قد يكلف ذلك بايدن نفسه وحزبه الذي أصبح رهينة الانتخابات الرئاسية المقبلة وحتى أغلبيتهم الضئيلة في مجلس الشيوخ.

والأمر الصادم هو إصرار بايدن على دعمه المطلق ورهانه على نتنياهو الحصان الخاسر ! وذلك رغم ما نشره موقع ” بوليتيكو” الأمريكي، من أنه مع تجاوز ضحايا وشهداء الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة 12 ألف شهيد وأكثر من 2000 مفقود تحت الأنقاض، نقل عن مسؤولين في إدارة بايدن توقعهم أن أيام نتنياهو ورفاقه في الحكومة ستكون معدودة بعد انتهاء الحرب، وسيتم تعيين لجان للتحقيق في فشله.  حتى أن بايدن نقل ذلك إلى نتنياهو خلال زيارته الأخيرة إلى تل أبيب .

ولتأكيد انحيازه لإسرائيل، أصر بايدن على زيارة تل أبيب لساعات وقدم طلبا بقيمة 14.3 مليار دولار لتمويل ودعم إسرائيل في حرب الإبادة الجماعية ضد غزة وتدميرها وتهجير سكانها إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية، وهذا ما يدفع الولايات المتحدة إلى الوقوع في الإفلاس الأخلاقي، ويجعل إدارة بايدن شريكة في جرائم الحرب ضد الفلسطينيين العزل وفقاً للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف.