انقسام حادّ في الكيان الصهيوني.. والحكومة على طريق السقوط
تقرير إخباري
لا شكّ أن عمليّة “طوفان الأقصى” أحدثت زلزالاً كبيراً في الكيان الصهيوني الذي راح يتخبّط في اجتراح الطريقة التي يستطيع من خلالها حفظ ماء وجهه بعد المشاهد التي نقلها المقاومون الفلسطينيون من داخل الوحدات العسكرية الصهيونية لجنود يتم سوقهم أسرى بيد المقاومين إلى قطاع غزة المحاصر، بعد أن أوغلت الحكومة الصهيونية الفاشية في استصدار مجموعة من القوانين لتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال وإجباره على الهجرة القسرية، وصولاً إلى تصفية قضيّته العادلة التي أقرّتها الشرعية الأممية.
ومن هذه القوانين، قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين الذي طرحه ما يسمّى وزير الأمن القومي الصهيوني إيتمار بن غفير، بتهمة “دعم حماس” أو المشاركة في عملية طوفان الأقصى، حيث شهدت جلسة لما يسمّى “الكنيست الإسرائيلي” نقاشاً حاداً، شارك فيه أهالي الأسرى الإسرائيليين في النقاش، وقال الكنيست في بيان: “سريعاً ما تحوّلت إلى جلسة صاخبة”، مضيفاً: “إن ممثلي عائلات المحتجزين والمفقودين دعوا إلى عدم المضيّ قدماً في سنّ القانون”، مطالبين الأخير بإزالة مشروع القانون، ومتهمين إيّاه بأنه يريد جني مكاسب سياسية حزبية على حساب قضية وحياة أقاربهم المحتجزين.
وهاجم أحدهم بن غفير، قائلاً: “أنت ضغطتَ، وطلبتَ وساعدت في أن تقتل العرب وقتلتَ العرب، والمحصلة أنهم جاؤونا ونحن في الفراش”.
ويبدو أن هذه العبارة هي الأشدّ تعبيراً عما يدور في كيان الاحتلال من صراعات وانقسامات حول الطريقة التي أدارت بها الحكومة الصهيونية المتطرّفة الأمر، وهي تؤكّد من جانب ثانٍ أن الجميع في الكيان يدرك أن العملية لم تأتِ من فراغ، وأن اليأس من جميع الوعود بحل القضية الفلسطينية سيؤدّي بالنتيجة إلى هذا الانفجار الذي حدث، وبالتالي أدرك جميع ممثلي الأسرى أن حكومتهم الحالية هي التي قادتهم إلى هذا المصير، وربما كان هذا هو لسان حال الشارع الصهيوني برمّته.
فأعضاء حكومة الاحتلال المتطرّفة الذين جمعتهم على اختلاف انتماءاتهم مصالح سياسية حزبية انتخابية لا تهمّهم سوى هذه المصالح، وآخر همّهم مصالح أهالي الأسرى المهمّشين أصلاً لأن الثقل يتركّز في الشمال، وهذا الخلاف ذاته تظهّر في الحكومة المصغّرة التي راح أطرافها يتقاذفون الاتهامات فيما بينهم حول المسؤولية عمّا جرى.
فالجامع الوحيد بين أعضاء هذه الحكومة هو المصالح الحزبية والسياسية الضيّقة، الأمر الذي أكّده ردّ فعل الشخص الذي قام بن غفير باحتضانه ونشر صورته على منصّة x، إذ قال، حسب صحيفة israel hayom: “كل هذا من أجل التقاط صورة. ليس لديكم حدود، الجميع يرى أنكم تقدّمون مسرحية على دماء عائلاتنا”.
على هذا النحو بلغ الانقسام في المجتمع الصهيوني حول هذه الحكومة المتطرّفة، التي يعدّ هذا القانون جزءاً من الاتفاقات التي جرى توقيعها لإبرام صفقة تشكيل الائتلاف الحكومي برئاسة زعيم حزب “الليكود” بنيامين نتنياهو، ورئيس “عوتمسا يهوديت” بن غفير، أواخر عام 2022.
ومن هنا، نستطيع أن ندرك أن هذه الحكومة لا تجد بدّاً من الهروب إلى الأمام عبر اتخاذ مجموعة من القرارات تحاول فيها إظهار قدرتها على تحقيق أيّ انتصار على المقاومة، ولكنها إلى الآن لم تنتصر إلا على الأطفال والنساء، بدلاً من سماع رأي الشارع الذي يصرّ على الموافقة على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، الأمر الذي يؤكّد أنها لا تقيم وزناً أصلاً لحياة هؤلاء الذين يمكن أن يكونوا ضحية مباشرة لإقرار مثل هذا القانون، وأن رئيس الحكومة الفاشية الحالي لا يريد أن يكون أوّل الضحايا بعد توقّف العدوان.