تكاليف الإنتاج وفوضى السوق وعدم وجود دعم زراعي.. أسقط “فستق العبيد” من روزنامة الفلاحين!
دمشق – ميس خليل
لم يأتِ موسم فستق العبيد هذا العام بجديد، إنتاج قليل، وتكاليف كبيرة جداً، وأسعار غير مناسبة، وتخلٍّ من وزارة الزراعة عن الدعم، أي تكرار ما حصل في العام الفائت، وعلى أمل أن تتغيّر آلية التعاطي الحكومي مع هذا المحصول المهمّ، زرع الفلاحون أراضيهم ولكنهم واجهوا العقبات نفسها، فماذا هم فاعلون؟
يقول “أحمد” فلاح في سهل الغاب إنه بعد موسم القمح المخيّب، وبالتحديد الأسعار، لجأتُ إلى زراعة موسم تحميلي “فستق العبيد” على أمل التعويض، طبعاً كان التفاؤل والأمل بموسم جيد هو ما نطمح له، فقمت بتوفير كل المستلزمات الخاصة به، من أسمدة وأدوية والأهم المازوت في ظل عدم قيام مؤسسة استثمار الغاب بضخ المياه في القنوات المخصّصة إلا مرة واحدة أثناء الموسم، فلجأت إلى شراء المازوت بالسعر الحر، وفي النهاية لم أجنِ ما يغطي التكاليف التي وضعتها، فالإنتاج قليل وتكاليف القلع والنقل كبيرة جداً!.
بدوره محمد وهو مزارع أيضاً من سهل الغاب قال: اتجهت لزراعة الفستق كموسم رئيسي بعد خيبتنا الكبيرة من تسعير المحاصيل الرئيسية القمح والشعير، ولكن ما هربنا منه وقعنا فيه، حيث كانت كميات الإنتاج قليلة جداً والأسعار غير متناسقة نهائياً مع التكاليف، عدا عن أن التجار يمسكون بكل السوق ولا دور للحكومة في دعم المنتج من خلال مؤسسة الفستق التي كانت تتدخل في كل عام لتسويق المحصول.
بدوره رئيس اتحاد فلاحي حماة حافظ سالم أوضح لـ”البعث” أن الموسم هذا العام كان بخلاف التوقعات نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج بشكل كبير، وقلّة الأسمدة أيضاً نتيجة عدم تخصيص أسمدة لمحصول الفستق بالسعر بالمدعوم، فالأسمدة كانت مخصّصة لمحصول القمح فقط بالسعر المدعوم، ما اضطر الفلاحين لشرائها بسعر التكلفة، كما أن من أهم أسباب انخفاض الإنتاج ارتفاع تكاليف اليد العاملة وأجور النقل، مشيراً إلى أن السعر الحالي في السوق 12 ألفاً، ولكن التجار هم من يتلاعبون بالسوق من خلال فرضهم للسعر الذي يريدونه!.
وبسؤالنا عن دور اتحاد الفلاحين، ذكر سالم أن اتحاد الفلاحين يحاول مساعدة الفلاحين من خلال فتح مراكز لاستلام المحصول من قبل المؤسسة السورية للتجارة، وهذا العام لم تفتح السورية للتجارة في محافظة حماة أية مراكز لاستلام المحصول، ولو كان هناك مراكز لاستلامه لوصل سعره إلى مايقارب 17- 18 ألف ليرة، منوهاً بأن العديد من الفلاحين اتجهوا إلى زراعات أخرى.
وبيّن سالم أنه تم ما بين حماة والغاب زراعة نحو 45000 دونم، ومعدل إنتاج الدونم وسطياً 300 كيلو.
الخبير التنموي أكرم عفيف أوضح أن الفستق مثله مثل أي محصول متروك لحرية التاجر، فبعد أن كان سعره 8000 ليرة وصل الآن إلى 12 ألفاً، ومن المتوقع بعد أن يحصل الفلاحون على القروض ويستطيعون تسديد التزاماتهم أن يصل سعره إلى 25 ألف ليرة.
وأشار عفيف إلى أن مصرف الإبداع زار أماكن نشر الفستق للفلاحين وتمّ سؤالهم عن سعر الفستق وماذا يدفع التجار لهم، فكان جوابهم ما بين 5000 والـ 6000 وأحسن الأنواع بـ10 آلاف، وتمّ سؤالهم إن كان السعر يعجبهم فأجابوا بأنهم مضطرون للبيع بهذه الأسعار لأن عليهم التزامات مالية ينبغي تسديدها، حيث قرّر المصرف منح القروض لتسديد التزامات الفلاحين بشرط أن يبقوا المحصول عندهم، وبعد هذه العملية سرعان ما ارتفع سعر كيلو الفستق إلى 14 ألفاً، ومن هنا فإنه من الضروري أن يكون هناك دور لمؤسّسات التدخل الإيجابي لحماية الفستق وغيره من المحاصيل الزراعية، منوها بأن وسطي الإنتاج هذا العام 150 كيلو في الدونم الواحد، بينما في السنوات السابقة كان الإنتاج 250 كيلو.