بايدن.. ناطق إعلامي
علي اليوسف
أن يخرج رئيس أقوى دولة في العالم ليكون ناطقاً إعلامياً باسم جماعة صهيونية فهذا له دلالات كبيرة فيما يسمى سرقة الأضواء.. نعم خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن و “بارك” وقف إطلاق النار، أو حسب ما يريد “هدنة مؤقتة” لإطلاق سراح الأسرى “الإسرائيليين” مقابل الموقوفين الأسرى الفلسطينيين.. الناطق الإعلامي العالمي لم ينس القول في إحاطته الصحفية رداً على سؤال يبدو أنه موجه ومشكوك بسائله أنه و إدارته العتيدة وضعت آليات لمنع وصول المساعدات إلى المقاومين، وكأن الرجل يوحي أن الهدنة المؤقتة هي فقط لإطلاق سراح المستوطنين فقط، أي أنه من الوارد في هذا المعطى أن تكون هناك جولة جديدة من القتل والتدمير، وهذا لا يعني، في أي سياق، سواء أكان إنسانيا أو اجتماعيا، سوى أنه إيقاف مؤقت حتى تأمين سلامة “بضع” مستوطنين على حساب شعب بأكمله.. وهذا السلوك لا يعني إلا شيئاً واحد وهو أن بايدن وإدارته هما قادة القتل في الحرب على غزة وغيرها من الحروب في المنطقة.
أما حديثه عن إنهاء دوامة العنف في الشرق الأوسط فهو ليس إلا فقاعة إعلامية للاستهلاك، وإعادة تدوير الأزمة والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي حتى يلتقط الكيان أنفاسه ويستجمع قوته التي كشف بضعة مقاومين بأنها ليست إلا كذبة غير قادرة على تحقيق أي نصر لولا القيادة الأمريكية التي تديرها من الخلف لتنفيذ أجنداتها في عموم المنطقة.
إذاً كانت الحرب على غزة أقرب ما تكون إلى سيناريو أعد بعناية لترتيب أجندات داخلية يبحث عنها بايدن وإدارته، فهذا ليس فيه أي شك، لأنه منذ السابع من تشرين الأول وقفت الولايات المتحدة بقوة إلى جانب “إسرائيل”، ورفضت لأسابيع وقف إطلاق النار الذي حصد أكثر من 15 ألف قتيل فلسطيني، بينهم نحو 5600 طفل، لكن عندما ارتفع منسوب الانتقادات في الشارع الأمريكي، أتت “صفقة الهدنة” وتبادل الأسرى ليوظفها بايدن كطوق نجاة له ولقادة حزبه، وهذا ما يفسر توليه مسؤولية الناطق الإعلامي لهذه العملية، وكأنه يريد الإظهار بأنه من يمسك زمام المبادرة لجهة استمرار الإسرائيليين بالحرب، ولجهة إحرازه تقدماً في ملف إعادة المحتجزين الأميركيين.
قد تكون الصفقة أمراً ايجابياً بالنسبة لبايدن وشارعه الانتخابي، لكن ليس جيداً بالنسبة للطرف الآخر، إذ أن كلامه في مؤتمر “مباركة” الهدنة يظهر وكأنه لا يأبه لحياة المدنيين الفلسطينيين الذين انتشرت صورهم وصور الحرب في كل مكان على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي وضعت الإدارة الأمريكية، بما فيها بايدن والكيان الإسرائيلي، أمام معضلة أخلاقية وإنسانية.
لا يعتقد بايدن أنه بهذه “الخبطة الاعلامية” قادر على لملمة الجراح داخل الحزب الديمقراطي، بل على العكس ربما تزداد الأمور سوءاً، خاصةً أن موقفه تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة أدى إلى تراجع مناصريه الذين ساعدوه، عام 2020، على هزيمة الرئيس السابق دونالد ترامب، فهل ستسعفه تلك الصفقة في كسب ود شارع الديمقراطيين، أم أن هناك جولة جديدة من اللعب على نار غزة ؟!