توصية ومقترح…؟!
بشير فرزان
أشعلت توصية اللجنة الاقتصادية بتأييد مقترح وزارة المالية برفع أسعار مبيع الأسمدة المقدّمة من المصرف الزراعي التعاوني للمزارعين – لتكون أسعار سماد يوريا 46% 8 ملايين ليرة للطن الواحد، وسماد سوبر فوسفات 46% بسعر 6 ملايين ليرة للطن الواحد، وسماد كالينترو 26% بسعر 5 ملايين ليرة للطن الواحد – فتيل الحوار الساخن حول حقيقة الدعم المقدّم للفلاح، بل وذهب البعض أبعد من ذلك ليطعن بكل ما يقدّم للعملية الزراعية تحت عنوان واحد “الإخفاق” في تثبيت الفلاح بأرضه، وتقديم كلّ ما من شأنه دفع عملية الإنتاج الزراعي نحو الغلال الوافرة.
وطبعاً تتطلّب الموضوعية في الطرح وتشخيص الواقع عدم إنكار أن الحرب والحصار تركا بعض الآثار السلبية على القطاع الزراعي نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة، والتي أدّت إلى منع المزارعين من إتمام عملهم على أكمل وجه، مع استمرار النقص في المحروقات اللازمة لعمل الآلات الزراعية، ما أدّى إلى عدم متابعة عمليات خدمة المحاصيل، وأثر سلباً على تنفيذ الخطة الإنتاجية، إضافة إلى ارتفاع أسعار شراء كافة المستلزمات الزراعية، وكان آخرها السماد، كما أن إصرار التّجار على التعامل نقداً عند بيع مستلزمات الإنتاج شكّل عبئاً إضافياً على المزارعين الذين عملوا بكامل طاقتهم، فلم تستطع كلّ تلك التحديات تحييدهم عن زراعة أرضهم أو تغيير مسار حياتهم الزراعية قيد أنملة.
وفي مسار الواقع والحقائق، لا بدّ من الانتباه إلى أن الجهات المعنية لم تتوانَ، حتى لو كان كان ذلك خطابياً وكلامياً في بعض مراحله، عن تعزيز الإنتاجية، وتأمين مستلزمات الخطة الزراعية. وبناءً على ذلك، كان قرار رفع سعر الأسمدة بقصد تأمينه بسهولة من خلال فروع المصرف الزراعي التعاوني، وبالتنسيق مع الاتحاد العام للفلاحين ومديريات الزراعة في المحافظات، وذلك ضمن حرص الوزارة والاتحاد العام للفلاحين على تأمين احتياجات القطاع الزراعي من المحروقات، ولاسيما المازوت وإيلائها الأولوية والتنسيق مع الجهات المختصة قدر المستطاع لتذليل المشكلات التي تعترض دوران عجلة الاقتصاد الوطني الزراعي وإنهاء معاناة الفلاحين التي سبّبتها لهم الحرب والحصار، وهذا يشكّل هدفاً مشتركاً، فالتقت الجهود في مسار رفع كفاءة المزارع وتنويع أنشطته الاقتصادية لمساعدته على القيام بعمل زراعي مميّز وناجح.
وبعد كلّ هذه القرارات التي تخدم العملية الإنتاجية الزراعية وتوفر كافة مستلزماتها، كما تؤكد الجهات ذات الصلة بهذا القطاع، هل سيكون هناك إنتاج زراعي وفير ومدعوم بكل مستلزماته المتوفرة بسهولة نتيجة رفع أسعارها، وبما ينهي السوق السوداء؟ أم أن جرعة التفاؤل بالأيام القادمة تحمل في تفاصيلها المزيد من خيبات الأمل وتكراراً لمسلسل الوعود التي أيبست الأراضي وهجّرت الفلاحين من أراضيهم، وألحقت المزيد من الخسائر بالقطاع الزراعي الذي تتقاذفه شراكة غير حقيقية أو فاعلة بين المنظمة الفلاحية ووزارة الزراعة لتحويل الأقوال إلى أفعال في القريب العاجل، وبشكل يسهم في تدعيم آمال الفلاح بالمرحلة القادمة التي ينتظر منها المصداقية والشفافية مع متطلباته الزراعية؟!