حكاية الأميرة نورا.. على خشبة مسرح القباني
تستمر عروض مسرحية الأطفال “حكاية الأميرة نورا” على خشبة مسرح القباني بدمشق، وهي من تأليف جوان جان وإخراج سهيل عقلة، والتي يقدّمها مسرح الطفل في مديرية المسارح والموسيقا، وهي المسرحية الثانية الموجّهة للطفل التي يقدمها المخرج عقلة بعد “الانتصار الكبير” التي قُدّمت قبل سنوات قليلة، والسادسة التي تجمعه مع الكاتب جوان جان.
فكرة جديدة
ويبيّن المخرج سهيل عقلة في حواره مع “البعث” أن ما يميّز مسرحية “حكاية الأميرة نورا” أنها تختلف عن الأعمال التقليدية الموجّهة للأطفال، حيث إن أغلب الأعمال التي تتوجّه للأطفال تعتمد على الصراع كنوع من أنواع الجذب أو استجرار الحالة المشهدية والبصرية للطفل، في حين أن “حكاية الأميرة نورا” تقدم فكرة جديدة وفريدة من نوعها، والرسالة فيها تمرّ بشفافية لتعليم الأطفال أن الإنسان عندما يكون منتجاً في المجتمع فيجب أن يكون مردوده غير ذاتي، والمنفعة يجب أن تكون جماعية من خلال الأميرة نورا التي لم تجد السعادة طريقاً إلى قلبها على الرغم من كلّ محاولات الأطباء، وعندما يلجأ والدها الملك وأخوتها إلى أحد الحكماء ينصحهم بالبحث عن شخص حزين لإدخال السعادة إلى قلبه، بشرط أن تكون هذه السعادة صالحة للانتقال من شخص لآخر، ونشاهد كيف استطاع الطفل أسامة أن يكون سبباً في شفاء الأميرة عندما يدخل السعادة إلى قلبها وقلوب مجموعة من الأطفال عن طريق مسرح العرائس، لتؤكد المسرحية أن أهم علاج للأطفال في وقتنا الحالي هو المسرح الذي ينقل السعادة من شخص إلى آخر، مشيراً إلى أنه كمخرج لا يستهين بذكاء الطفل ولا يستسهل مخاطبته ولا يستخفّ بعقله، لذلك كان حريصاً على تقديم مسرحية كأنها موجّهة للكبار على صعيد أداء الممثلين واختيار الموسيقا والعناصر الأخرى التي تمّ اعتمادها بكل عناية، وقد تُرِكت مساحة للطفل للوصول إلى ما يريده العرض، لذلك حاول عقلة –حسب قوله- أن يترك الطفل يفكر ليعرف أين الصواب دون تلقينه ذلك بطريقة توحي له أين يكمن الصح لأنه مؤمن بذكائه وقدرته على فعل ذلك بعد شدّه إلى الحكاية وإدخاله في تفاصيلها بهدوء وروية، بعيداً عن مظاهر العنف والصراع والتشنّج الذي أصبح سمة بارزة في أعمال الأطفال، انطلاقاً من قناعته أنه بعد سنوات الحرب لا بدّ من أن نغرس الأمان في قلوبهم عبر حكايات جميلة عبر المسرح، ليجدوا فيه ملاذاً آمناً يرغبون في ارتياده دوماً لأن المسرح علاج وحالة من التثقيف وبناء كائن فاعل.
أصعب مهمة
ويرى عقلة أن اختيار النص أصعب مهمّة في مسرح الطفل، لذلك من الضروري جداً اختيار النص المناسب الذي يجب أن يقدم فائدة وقيمة للطفل، ويحقق المتعة له في الوقت ذاته، لذلك ما إن قرأ نص “حكاية الأميرة نورا” حتى لفتته جملة وردت فيها تقول: “عليكم البحث عن شخص حزين وإدخال السعادة إلى قلبه، شرط أن تكون هذه السعادة صالحة للانتقال من شخص إلى آخر”، وأدرك أهمية ما يريد النص إيصاله للطفل، وقد سعى عقلة إلى ترجمة هذه المقولة على خشبة المسرح بالتعاون مع الكاتب الذي كان متجاوباً –حسب قوله- مع اجتهادات الرؤية الإخراجية، مستفيداً كمخرج من الملاحظات التي كان يقدّمها الكاتب لإغناء العرض شكلاً ومضموناً، وهي آلية عمل اتبعها مع الكاتب في كلّ التجارب التي قدماها معاً، مؤكداً أنه في ثاني تجربة احترافية له في مسرح الطفل مع مديرية المسارح والموسيقا بات يتعمّق أكثر بأي تفصيل على الخشبة أو في النص، وأصبح يشعر أنه أكثر قدرة على مخاطبة الطفل، دون أن ينكر أن مسرح الطفل لا حدود له.
ممثلون من مختلف الأعمار
وعلى الرغم من أن العرض يضمّ ممثلين من جميع الأعمار، وهو ما تفترضه حكاية المسرحية لم يرَ عقلة صعوبة في التعامل معهم، خاصة وأن جميع ممثلي العرض لديهم تجارب سابقة، مع إشارته إلى أن وجودهم على خشبة المسرح أمر ضروري لأن الأطفال يحبون أن يروا على المسرح ممثلين من عمرهم، وهو أمر محفّز لهم على المتابعة أكثر وسيجدون في وقوف أقرانهم على خشبة المسرح دافعاً لدى بعضهم لإمكانية خوض التجربة مثلهم إن كانوا من محبي التمثيل، كما سيجعلهم مدركين لآلية عمل الممثل الذي يمكنه القيام بعدة شخصيات على خشبة المسرح في العرض ذاته باعتبار أن بعض الممثلين في “حكاية الأميرة نورا” أدوا أدوار أكثر من شخصية في العرض.
ويختتم المخرج سهيل عقلة حواره مع “البعث” وهو الذي سبق له وأن كتب مسرحية “الانتصار الكبير” بالتأكيد على أنه لا يعتبر نفسه كاتباً وقد خاض تجربة الكتابة لمرة واحدة للتعبير عن فكرة راودته حينها، وأنه كمخرج يعنيه كثيراً الخوض في نصوص الآخرين والعمل عليها بالتعاون مع كتّابها لأن ذلك يغني العمل المسرحي أكثر.
يُذكر أن مسرحية “حكاية الأميرة نورا” تُقدّم يومياً على مسرح القباني الساعة الرابعة عصراً، وهي من تمثيل: تاج الدين ضيف الله، لميس عباس، بسام دكاك، مجد مغامس، مادونا حنا، محمد عبود، سهيل عقلة، آيات الأطرش، شادي جان، حمزة عقلة، والطفلة نجاح عقلة.. وكتبت أغاني العرض الأديبة فاتن ديركي.
أمينة عباس