المشروعات الصغيرة والمتوسطة تضع دليلها التعريفي وتضيء على مفرداته
دمشق- ميادة حسن
صدر الدليل التعريفي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة كخطوة مهمّة في مجال بناء وتطوير بيئة أعمال المشروعات ولتساعده على التطور والنجاح، علماً أن هناك العديد من الخطوات الأخرى التي ستترافق مع ولادة هذا الدليل، منها استكمال تحديد جميع الأنشطة الاقتصادية الرئيسية في الاقتصاد السوري بحسب تصنيف الأمم المتحدة، كما سيكون هناك استكمال لبرنامج متكامل لتبسيط إجراءات تأسيس المشروعات، واستكمال السجل الوطني لها ليساعد في إقامة قاعدة بيانات شاملة عن قطاع المشروعات، ويعتبر الدليل التعريفي الركيزة الأساسية لوضع البرامج المستهدفة للقطاع، حيث لا يمكن تشجيع القطاع بشكل عملي من دونه.
توحيد المفهوم
من المسلّمات في الفكر الاقتصادي السوري أهمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الذي واجه العديد من الصعوبات على الرغم من الإجماع على أهميته، فهو يدخل باهتمام عدد كبير من الوزارات والجهات المختلفة.
مدير عام هيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة إيهاب اسمندر كشف لـ “البعث” عن أهمية هذا الدليل، فهو بمثابة بوصلة للعديد من الجهات المختلفة التي لم يكن لديها نظرة أو مفهوم موحّد لماهية القطاع، أو كيفية تحديد المشروع الصغير أو المتوسط أو متناهي الصغر، لذلك كان لا بدّ من إيجاد مفهوم موحّد اتجاه طريقة النظر لهذا القطاع وتصنيف المشروعات فيه، وهذا ما دفعنا لإطلاق حوار واسع بين وزارة التجارة الخارجية والوزارات المعنية والنقابات والاتحادات وجهات عن قطاع الأعمال وأيضاً بعض الباحثين الأكاديميين للاتفاق على مفهوم موحّد يعطي مصطلح المشروعات بعداً مشتركاً بين المعنيين به، وامتدت هذه الورشات واللقاءات التشاورية عدة أشهر وخلصت إلى ما أطلق عليه التعريف الوطني للمشروعات.
تعريف مشترك
وتابع اسمندر: يحدّد التعريف بعدين لكلّ مشروع، الأول هو البعد القطاعي أي تجاري أو صناعي أو زراعي، والثاني هو حجم المشروع متناهي الصغر أو صغير أو متوسط، وهذا الدليل يساعدنا على تصنيف المشروعات بنوعها وحجمها واتفاق كل الأطراف على طريقة تحديد ماهية المشروع، وأن نجمع كلّ ما يمكن جمعه من إحصائيات، سواء كمية أو نوعية تتعلق بقطاع المشروعات، وهذه الإحصائيات هي قواعد البيانات المختلفة وهي أساسية ومهمّة جداً بوضع السياسات والبرامج المتعلقة بتطوير القطاع وفق ما تمليه مصلحة التنمية في بلدنا، كما أن هذا المفهوم الموحّد اتجاه قطاع المشروعات والذي سيكون مشتركاً بين جميع الجهات سيساعد على تبادل المعلومات لهذا القطاع بين الشركاء الاستراتيجيين المعنيين بتطويره.
مرونة التعديل
وأشار اسمندر إلى أن من أهم خصائص التعريف الذي تمّ التوصل إليه، أنه تعريف كميّ قائم على معايير قابلة للقياس، أي أنه يستبعد عامل التقدير الشخصي، وهو يميّز بين المشروعات على أساس الحجم، وباعتباره أيضاً يصنّف المشروعات استناداً إلى نشاطها الرئيسي فيما يتعلق بتبعيتها القطاعية. ويضيف اسمندر: لتحديد أي نشاط يجب الاعتماد على دليل التصنيف الصناعي الدولي الموحّد الإصدار الرابع، وهو صادر عن شعبة الإحصائيات في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، ومعنى ذلك أن سورية ستصبح مماثلة لمختلف دول العالم التي تتبع هذا التصنيف التعريفي الذي تمّ التوصل إليه، وهو تعريف مرن، أي يمكن مراجعته وتعديله بحسب متغيّرات واقع الحياة الاقتصادية في بلدنا، والمطلع على نشر هذا التعريف يلاحظ أن اللجنة الاقتصادية تستطيع أن تعيد بشكل دوري النظر في حدود معايير هذا التعريف وتعديلها بحسب الحاجة لذلك.
مرجعية مشتركة
من خصائص التعريف الرئيسية أنه ملزم لجميع الجهات المعنية بالقطاع، وباعتبار أنه جاء بعد سلسلة طويلة من المناقشات والمشاورات وحوارات التنسيق بين مختلف الجهات المعنية، وبذلك هو يعبّر عن وجهة نظرها وطريقتها بالتعامل مع هذا القطاع. ويؤكد اسمندر أن التعريف سيتمّ اعتماده من مختلف المؤسسات الحكومية والهيئات والمنظمات غير الحكومية ومراكز الإحصاء والدراسات وقطاع الأعمال ومقدمي خدمات دعم الأعمال، أما مجال تطبيقه فهو يطبّق على كل كيان قيد التأسيس أو قائم يمارس نشاطاً اقتصادياً، بغضّ النظر عن شكله القانوني سواء أكان مرخصاً أو غير مرخص، وبموجب التعريف فإن المشروع هو كيان له موقع يزاول فيه نشاطاً اقتصادياً أو أكثر، ويملكه شخص أو مجموعة من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين، وقد يكونون شركاء أو قطاعات غير حكومية أو مؤسسة، ولكن يجب أن يتوفر لدى هذا الكيان بيانات متكاملة عن المشتغلين والإيرادات ورأس المال ومختلف المعلومات المالية الرئيسية.
تصنيف المشروعات
بموجب التعريف، النشاط الاقتصادي هو ما يقدّمه المشروع من خدمات وأعمال تحقق له عائداً، وأن يكون محققاً لقيمة مضافة قابلة للقياس، فإذا كان للمشروع أكثر من نشاط فإن النشاط ذا القيمة المضافة الأعلى بين بقية الأنشطة في المشروع يعتبر هو النشاط الرئيسي للمشروع، أما الأنشطة التي تحقق قيمة مضافة أقل من النشاط الرئيسي فتعتبر أنشطة ثانوية في المشروع. ويوضح اسمندر أيضاً بموجب التعريف، هناك ما يُسمّى بالنشاط المساعد، وهو نشاط يوجد ضمن المشروع ويؤمن بعض الخدمات أو يساعد على تهيئة الظروف التي تدعم الأنشطة الرئيسية والثانوية، وبموجب التعريف هناك أربعة قطاعات اقتصادية أساسية ينتمي لها المشروع، هي الزراعي المعنيّ بالإنتاج النباتي أو الحيواني بشكل رئيسي، والصناعي الذي يعتمد على تحويل المواد إلى منتج نهائي أو وسيط، أما التجاري فأساسه شراء وبيع وتوزيع سلعة ما أو عدة سلع بهدف التحقيق الربحي، حيث يعاد استثمار عملية البيع لشراء مواد من جديد وبيعها، والخدمات وهو الذي يقوم أساساً على تقديم خدمات لصالح الغير مقابل أجر، كخدمات الصحة والتعليم والنقل والاتصالات والسياحة والطاقة.. وغير ذلك.