امتحان تسويق الحمضيات.. المهمة الصعبة أمام إنتاج وفير
دمشق – محمد العمر
تعود معاناة الفلاح في تسويق الحمضيات من جديد، ولكن هذه المرة بوعود استجرار المحصول كاملاً، على ضوء إنتاج جيد يفوق 950 ألف طن، لتبدأ حلقات العملية التسويقية من الحقول مباشرة، سواء كان للتاجر أو لصالح السورية للتجارة، وقد لا تقنع الأسعار الموضوعة الفلاح، ولكن الرمد أفضل من العمى، حسب قوله، فتأمين العبوات والنقل أهم عائقين يواجهان المزارع، وهذه المهمة كفلتها السورية للتجارة، لكن المزارع يعلم جيداً أن هذه الأخيرة، تعمل بعقل مستثمر خاص، بغضّ النظر عن شعارات التدخل الإيجابي وتحقيق عدالة السوق، سواء عملت بها أو لم تعمل. ولعلّ أسعار السورية للتجارة بالصالات، خير دليل بأنها أسعار السوق نفسها، بل أغلى منها، مما ينفي دورها التدخلي في السوق لصالح المستهلك، وخاصة بعد رفع سعرها بشكل متواصل لحاقاً بالسوق السوداء!.
إنتاج وفير… ولكن!
نتكلم اليوم عن إنتاج قد يصل إلى المليون طن أو أقل قليلاً، بينما كان العام الماضي دون 650 ألف طن، ورغم ذلك كان التسويق في أسوأ أوضاعه، مما يطرح السؤال: كيف سيكون التسويق أمام هذه الكميات الوفيرة؟ وهل الإجراءات المتخذة من السورية للتجارة كفيلة بإنقاذ إنتاج الحمضيات كاملاً لهذا الموسم بأسعار تتناسب مع التكاليف والأعباء الكبيرة التي تحمّلها المزارع؟!
حسب قول مراقبين، حتى الآن، الأسعار مقبولة للمستهلك، لكن للمزارع غير مرضية، وهي كارثية بكلّ معنى الكلمة بعد تسويق الإنتاج لسوق الهال حالياً دون 1500 ليرة، ليصل إلى المستهلك بـ2500 أو 3000 ليرة، خاصة وأن تكاليف أجور النقل والشحن ورسوم كمسيون التاجر في الجملة والمفرق قد ابتلعت ربح الفلاح، مما يضطر الكثير من مزارعي الحمضيات إلى قلع أشجارهم، واستبدالها بمواسم أخرى للأعوام المقبلة.
تحضيرات
طبعاً، المؤسسة السورية للتجارة، حسب قولها، بدأت استجرار كميات مقبولة، ولكن في مراحل أولى، قبل ذروة الإنتاج، وهي استكملت كافة تجهيزاتها والتحضيرات اللازمة لبدء المهمّة بعد تجهيز مراكز الفرز والتوضيب لديها.
وحسب قول مدير عام المؤسسة السورية للتجارة زياد هزاع، فإنه سيتمّ على مدار موسم الحمضيات تسويق أكبر كمية ممكنة وتوزيعها على الصالات ومنافذ البيع في المحافظات كافة، وتعويض الفلاحين بالأسعار الجيدة، وخاصة في ظلّ الظروف الاقتصادية القاسية.
وما يهمّ المؤسسة اليوم، كما يضيف هزاع، هو تسويق الحمضيات خلال فترة ذروة الإنتاج والتي تبدأ في الخامس من الشهر المقبل، وتمتد إلى بداية الشهر الثاني من العام القادم، حيث يكون الإنتاج وفيراً، مبيناً أن المؤسسة تسعي على مسار آخر في هذا الإطار، لفتح أسواق خارجية، وهناك جهود كبيرة تُبذل لتسويق المادة في الدول العربية، وخاصة دول الخليج والعراق، لكن قبل كلّ شيء لا بدّ من ضرورة تأمين مستلزمات التسويق منذ بداية الموسم وحتى نهايته، كالسيارات والصناديق والبرادات التي ستوضع فيها الحمضيات قبل التوزيع.
تغيير المسار
الخبير الاقتصادي محمد القاسمي يعتبر أن مهمّة السورية للتجارة في تسويق محصول الحمضيات تبدو صعبة، خاصة وأن العملية التسويقية هذا الموسم يجب أن تكون قريبة من الإنتاج أو تحاذيه على الأقل، فالسورية للتجارة اليوم، حسب قوله، تلعب دوراً داخلياً وخارجياً في الوقت نفسه، وهي تتحدث عن فتح باب التصدير إلى الخارج، وتسهيلاً لمهمتها فإن هذا يتطلّب استكمال التجهيزات والتحضيرات من سيارات شحن جيدة، وسائل تبريد وتوضيب وغيرها إلى دول الجوار، مشيراً إلى أن المؤسسة تريد أن تضمن الفلاح والسوق الخارجية معاً، لكن هذه العملية شاقة عليها، كون الإمكانيات لديها لا تسمح بأن تعمل على هذين المسارين معاً، ولعلّ خطتها في تسويق كمية 20 ألف طن من الفلاح هذا الموسم لبيعها بالداخل، ليست كافية من أصل مئات الآلاف من الأطنان، مقابل تصدير كميات بحدود 10 آلاف طن للخارج، إلى الدول العربية وخاصة دول الخليج والعراق والأردن، هذا يأتي في ظل سلفة أخذتها السورية للتجارة من الدولة بحدود 7 مليارات ليرة سورية لا تكفي لتسويق خطة إنتاج موسم كامل.
أما عن تقديرات التصدير بشكل عام، فيشير القاسمي إلى أنه ضمن هذا المورد المالي المحدود سيكون دون ربع الإنتاج، أي بحدود 300 ألف طن تقريباً من أصل 900 ألف طن، فالعام الماضي لم يتجاوز 200 ألف طن كحدّ أقصى، وكان الاهتمام بالتوريد من الفلاح هو الأهم، أما اليوم فالعملية عكسية، خاصة وأن البلد بحاجة لقطع أجنبي مما جعل الحكومة تتناول المسار الخارجي كأهمية في تسويق المحصول.