رسالة مقاومة من دار الأوبرا إلى غزة بأمسية ” إلى فلسطين”
ملده شويكاني
” للمقاومة أوجه عدة، ونحن من موقعنا نقاوم” هذا ما قالته وزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح في حديثها مع “البعث” في أمسية ” إلى فلسطين ” التي قدمتها الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله بمشاركة الكورال بطل الأمسية، إضافة إلى سيلفي سليمان على مسرح دار الأوبرا. وحملت إلى كل العالم رسالة المقاومة والصمود والاعتزاز من دمشق الخالدة من دار الأوبرا إلى غزة التي تناضل وتقاوم العدو الصهيوني على مرآى العالم.
وتؤكد الأمسية على دور الموسيقا والكلمة بالمقاومة والمساندة وتأييد الفلسطينيين في دفاعهم عن أرضهم حتى النصر، كما قال سميح القاسم:/ يا عدو الشمس لكن لن أساوم .. /وإلى آخر نبض في عروقي سأقاوم/
وقد استمدت برنامجها من تاريخ المقاومة من العدوان الثلاثي على مصر وحرب تشرين التحريرية والمقاومة في الجنوب وفلسطين، فمن مصر إلى سورية إلى لبنان وفلسطين، من خلال الموسيقا الآلية والتصويرية والغنائية، كما احتفت بتجربة المؤلفين الموسيقيين السوريين، وبالفلكلور الفلسطيني برؤية أكاديمية.
وتميزت الأمسية بتألق الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية ككل وبحضور قوي للنحاسيات وآلات المتتالية الإيقاعية، الطبل الكبير والصنجات والتيمباني والدرامز، إضافة إلى دور البيانو.
جمل قصيرة وقوية
وبعد الافتتاحية لمقطوعة فقدان من تأليف المايسترو عدنان فتح الله التي تقدم للمرة الثانية على مسرح الأوبرا، والأولى مع الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية، غنى الكورال بصوت حماسي نشيد ” إلى فلسطين ارفع مجدك” كلمات اللواء محمد طارق الخضراء وألحان المايسترو عدنان فتح الله وتوزيع كمال سكيكر، وتميزت بجمالية وقع تأثير الألحان التي اعتمدت على الجمل الموسيقية القصيرة والقوية وذات زخم متناغمة مع مفردات الاعتزاز بفلسطين، بدور الناي في مواضع مع الإيقاعيات والوتريات، لتأتي القفلة القوية
” مجدك ارفع”.
القدس ومدن فلسطين
وإلى ما كتبه نزار قباني عن فلسطين وخلّدها صوت أم كلثوم وألحان محمد عبد الوها ب” أصبح عندي الآن بندقية” بصوت سيلفي سليمان القوي وتأثير الشاشة التي عرضت القدس وقبة الأقصى وعلى الجدران دوّنت مدن فلسطين” حيفا – يافا- عكا- صفد- أريحا وغيرها”:/ إلى فلسطين خذوني معكم يا أيها الرجال.. أريد أن أعيش أو أموت كالرجال.. أصبح عندي الآن بندقية .. قولوا لمن يسأل عن قضيتي.. بارودتي صارت هي القضية/
وغنت بمرافقة مع الوتريات بتكثيف موسيقي” حيثما كنتم أيها الأحرار تقدموا” وبدور الأكورديون في مواضع وتميزت القفلة بمشاركة مع الكورال ” إلى فلسطين طريق واحد” وتتابع سيلفي بصوتها ” يمر من فوهة بندقية”.
ضربات الطبل الكبير
ومن ثم الأجواء الحماسية بصوت الكورال بأغنية جوليا بطرس ألحان زياد بطرس: / أطلق نيرانك لا ترحم.. فرصاصك بالساح تكلم.. وعدوك جاءنا يتوهم.. سيموت بأرضنا أو يهزم/
فبدأت بزخارف غنائية ” لا لا لا” وامتدت مع تأثير الألحان القوية بدور ضربات الطبل الكبير والصنجات والتيمباني والدرامز والنحاسيات.
الفلكلور الفلسطيني
ومن أجمل فقرات الأمسية ما اختاره فتح الله من الفلكلور الفلسطيني بغناء سيدة مسنة على وسائل التواصل الاجتماعي وحققت نسبة مشاهدة عالية، قدمتها الفرقة والكورال برؤية أكاديمية وبرمزية المفتاح والانتماء والتشبث بالجذور بالتمسك بالشجرة على الشاشة، وبدور الوتريات في مواضع: / شدوا بعضكم يا أهل فلسطين.. شدوا بعضكم.. ما ودعتكم رحلت فلسطين .. ما ودعتكم.. عورق صيني لكتب بالحبر .. عورق صيني.. يا فلسطيني عاللي جرالك .. يافلسطيني/
النحاسيات والإيقاعيات
وإلى أيقونة سورية الراحلة ميادة بسيليس ” يا جبل ما يهزك ريح” ألحان وتوزيع سمير كويفاتي، بتوليفة الإيقاعيات والوتريات ودور النحاسيات والأكورديون والعود.
وعلى وقع ضربات الطبل الكبير” أجراس العودة فلتقرع”، وأغنية سيف فليشهر ألحان الأخوين رحباني”
الموسيقا التصويرية والدراما
وخلال الأمسية توزعت فقرات الموسيقا الآلية، إذ عزفت الفرقة موسيقا مسلسل الدوامة للمؤلف الموسيقي طاهر مامللي بمساحة الوتريات مع الدرامز والنحاسيات والبيانو والأكورديون، ومن ثم دخول الآلات الشرقية بدور الناي والعود، لتأتي القفلة الخاطفة.
التصويرية المصرية
كما عزفت موسيقا الفيلم السينمائي” ناصر 56″ عن جمال عبد الناصر والعدوان الثلاثي على مصر تأليف ياسر عبد الرحمن، فمضت الألحان مع الوتريات والناي وضربات التيمباني والبوق، ثم فاصل العود والوتريات لتتصاعد الألحان مع الإيقاعيات اللحنية والبوق والهورن.
ومن أجمل فقرات الموسيقا التصويرية عزف موسيقا مسلسل “رأفت الهجان” رائعة عمار الشريعي التي بقيت بالأذهان وذكرى محمود عبد العزيز.
الموسيقا الآلية والتأليف
وتوقفت مع المقطوعة التي ألّفها المايسترو كمال سكيكر” تحية إلى الشهيد” وتميزت بلحن حماسي تكرر بتأثير الطبل والتيمباني والنحاسيات في مواضع، وتتالت مع الوتريات ومن ثم آلات التخت الشرقي، تخللها فاصل تشيللو بصوته الرخيم الحزين، وانتهت بتأثير متتالية إيقاعية.
الارتباط بالأرض والقضية
وقبل الأمسية أوضحت د. لبانة مشوّح في حديثها مع “البعث” بأن الأمسية حملت رسالة تعاضد واعتزاز من دار الأوبرا إلى غزة، ولاشك بأن كل عربي لديه ذرة من كرامة، ذرة من ضمير يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وليس فقط العربي وإنما كل إنسان في العالم لديه ذرة من إنسانية يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، لكن الوقوف إلى جانب شعبنا في فلسطين له أوجه عديدة، والمقاومة لها أوجه عديدة، ونحن من موقعنا مقاومون وثائرون ومصرون على الارتباط بالأرض وبالقضية.
رسالة تضامن ووفاء
كما تحدث المايسترو عدنان فتح الله عن دور الموسيقا الذي لا يقتصر على أوقات السلم والرخاء واللهو، فالموسيقا يجب أن تكون حاضرة في كل زمان ومكان لأنها ضرورة وحاجة من تأثيرها الإيجابي سواء كان على الحالة التعليمية أم الثقافية أم الإنسانية، وأمسيتنا إلى فلسطين تحمل رسالة وفاء وتضامن مع الشعب الفلسطيني، وكل عمل يقدم فيها موجه ويحمل رسالة.
موسيقانا مع فلسطين
أما المايسترو محمد زغلول المدير الإداري للفرقة الوطنية للموسيقا العربية فأشار إلى أهمية أمسية إلى فلسطين، من دمشق العروبة، والتي تحمل رسالة محبة وسلام ومقاومة، ونحن كموسيقيين نحمل آلاتنا الموسيقية ونقاوم من خلالها وستبقى صدّاحة ورنانة وأعلى من صوت رصاصهم، لأن الموسيقا مرافقة للحياة بكل حالاتها ويجب أن لا تتوقف، وستصل رسالتنا لكل الفلسطينيين بأننا معهم.