ثقافةصحيفة البعث

خطوات الماء السبع.. شخصيات متعددة ونهايات صادمة وقصص حب

لم تكن الندوة التي عُقدت مؤخراً في المركز الثقافي العربي في العدوي حول رواية “خطوات الماء السبع” للكاتب أيمن الحسن بإدارة الإعلامي عمر جمعة ومشاركة أ. عماد نداف والكاتبتين إيمان شراباتي وعبير القتال والناقد غدير إسماعيل إلا فرصة لتسليط الضوء على مسيرة هذا الكاتب الذي يمتلك في رصيده أربع روايات هي: “دفاتر الزفتية، في حضرة باب الجابية، عالياً نحو القدس، خطوات الماء السبع”، وقد صدرت الأخيرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب وكان عنوانها في البداية “بطعم الحب والعلقم” ثم “بحثاً عن زويا” فـ”بيت القيمرية” لتنتهي إلى “خطوات الماء السبع”، وقد أهداها الكاتب إلى دمشق قلب العروبة النابض وبيروت فلّ المدن، وفيها يعود الحسن إلى الذاكرة لينبش أوراق الماضي، فيتجلّى فيها كاتباً ومؤرخاً وعاشقاً جريئاً.

رواية واقعية

الكاتبة إيمان شراباتي أكدت أن رواية “خطوات الماء السبع” تكشف عن روائي لديه مخزون ثقافي وتاريخي واسع، يمتلك أدواته ويجيد آلية السرد بأسلوب يغري القارئ بالاستمرار والمتابعة حتى النهاية، مبينةً أن الرواية تقودنا بين عدة أمكنة من دمشق لتنسج تفاصيل تتحرك معنا بروائحها ودمها، وتلامس مكامن الحنين إلى زمن كنّا فيه متحفزين للقيام بأعمال تفوق البشر، حيث تتشابك الخطوط والعلاقات وتتشعب من خلال عدة شباب يجتمعون في مكان معيّن تبرز من خلال أحاديثهم وثقافاتهم وآمالهم وخيباتهم، مشيرةً إلى أن الرواية تميل كثيراً لأن تكون رواية واقعية نرى شخوصها وكأنها تتحرك أمامنا، ونعرفهم ويعرفوننا، ونسمع آراءهم ونعجب بأفكارهم من خلال حقبة سياسية مهمّة من تاريخ سورية، كما تترك الرواية الحب والدهشة في أرواح من يقرأها من خلال لغة بسيطة ومتمكنة في السرد، ولو أنها كانت تتمنى لو كانت الحكاية فيها أوضح، إلا أن الكاتب برأيها كان مندفعاً ليقدم معلومات سياسية وتاريخية تمثل تلك الحقبة من تاريخ سورية، وقد أجاد تقديمها، ولكن على حساب الحكاية- السرد الحكائي.

تجربة مميزة

وبيّنت الكاتبة عبير القتال في مشاركتها أن تجربة أيمن الحسن تجربة مميزة واستثنائية، كانت تستفزها قبل بدايتها في الكتابة، وكانت دائماً تسأله عن الشخصيات في روايته وكيف لديه القدرة على تطويعها، مبينة أن أهم ما يميّز الحسن في الكتابة جرأته في زج نفسه في نصوص روايته، لذلك كانت تطمح لتحليل الرواية على الصعيد النفسي للكاتب، وهذا ما كانت تفكر فيه كلما قرأت له وتلمّست قدرته على التصريح بما يجول في لا وعيه، موضحةً أن حديث الحسن عن الحرية والحب يتكرر في كل رواياته، متسائلةً: هل هو محروم منهما؟ وأي حرية يطاردها؟ هل هي الحرية الشخصية أم الحرية بالمطلق؟ وماذا عن الحب؟ هل عاشه الحسن في حياته وهو الذي يوصف بأنه شيخ طريقة في الحب، يكتب عنه بطريقة تجعل من يقرأ يغار منه لجمال ما يكتبه فيه؟.

خلت من الحكاية والعقدة

أما الكاتب والإعلامي عماد نداف فقد أشار إلى أن المكان في روايات الحسن عنصر أساسي له دلالات كبيرة عنده، وبعيداً عن العنوان المثير والغريب للرواية بيّن نداف أن الحسن مشغول في كل رواياته بتسليط الضوء على بعض المراحل المفصلية في حياة مجتمعنا، ومرّ على أكثر من مرحلة ومفصل تاريخي، واختار في روايته “خطوات الماء السبع” فترة الثمانينيات وما جرى فيها من اجتياح لبيروت، وخصّص جزءاً كبيراً منها للحديث عن السوريين الذين تطوعوا وقاتلوا مع اللبنانيين، موضحاً أن الرواية خلت من الحكاية والعقدة، حيث اعتاد الكاتب في معظم رواياته على تقديم قصص قصيرة وحكايات متعدّدة يكتشف القارئ في نهايتها مدى ترابطها مع بعضها عبر شخصيات سياسية وإنسانية لها أحلامها وطموحاتها، على الرغم من أنها شخصيات متناقضة فيما بينها وقد عاشت انقلابات عديدة في الرواية وانتهت بهويات صادمة تعبيراً عن السقوط الفكري والسياسي، تساندها شخصيات يفرد لها الكاتب مساحة قد يملّ القارئ منها أحياناً ليكتشف في النهاية أنها شخصيات صادمة.

سيرة ذاتية

ورأى الناقد والشاعر غدير إسماعيل أن القراءة الواحدة غير كافية لاكتشاف كل تفاصيل الرواية بشكل كافٍ، إلا أن ما هو مؤكد بالنسبة له أنها تحمل مجموعة من الأفكار والسمات الروائية الممتعة، فهي رواية تنحو منحى السيرة الذاتية، لكنها لا تؤرخ ولا تؤسّس لسيرة شخص بل لمرحلة وفترة تاريخية امتدت آثارها طويلاً، حيث تناولت تفاصيل ما جرى في العام 1982 راصداً فيها تحولات مجموعة من الشخصيات عاشت مجموعة من التناقضات، فهي ما قبل العام 1982 ليست كما بعده على صعيد الانهيار الأخلاقي الذي عاشته في نهاية الرواية التي تعدّدت فيها الأمكنة ما بين سورية ولبنان وفرنسا، مبيناً إسماعيل أن الرواية كُتبت بلغة جميلة ومتماسكة وبسردية تتقاطع مع شاعرية الكاتب التي تجلّت في العديد من المقاطع والفقرات التي جاءت خارج السرد الروائي الذي تناول شخصيات متعدّدة ونهايات صادمة وقصص حب.

يُذكر أن لـ أيمن الحسن عدد من المجموعات القصصية: “محاولة في رصد ما حدث” و”شاي” و”عصا موسى” و”عن رجل طيب بينكم” وحازت مجموعته القصصية “العودة ظافراً” على جائزة الشارقة للإبداع العربي في العام 1997 كما نال جوائز أدبية، منها جائزة المزرعة وجائزة مدحت عكاش.

أمينة عباس