اقتصادصحيفة البعث

ليس مجرد رفع للأسعار..!!

قسيم دحدل

سواء أكان من باب التحسّب أم التحذير، فإن لرفع أسعار الأسمدة، بمقدار ثلاثة أضعاف، دلالاته المقلقة على الإنتاج الزراعي، وبالتالي على الاقتصاد الوطني، نظراً لأن سورية أولاً وأخيراً بلد زراعي، شئنا أم أبينا. ولأننا كذلك، فأي تغيّرات لها من التأثيرات المباشرة والوقع المؤثر ما يُوجب علينا التحوط من المفاجأة، وما يتبعها من تداعيات غير محسوب حسابها.

ولأننا ما بعد المرحلة الذهبية من بلوغنا الاكتفاء الذاتي في مجال الإنتاج الزراعي والحيواني، أصبحنا في دائرة “الخطر الزراعي” نتيجة لبعض الأسباب الموضوعية ولكثير من غير الموضوعية، فهذا يحتّم علينا الاستثمار في أولوياتنا الزراعية بالشكل الأمثل والأعقل، ما يمكننا من المحافظة على الحدّ الأدنى من الإنتاج الزراعي بشقيه، آخذين بعين الاعتبار تحييد مساحات مهمّة من مساحات إنتاجنا.

بناء على ما تقدّم، قد يقلّل بعضهم من منعكسات رفع أسعار الأسمدة، بزعم أن آثاره محدودة في عدد من المواد، دون أن يدرك ما يمثله هذا الرفع، وبتلك النسب، من تحديات مؤكدة ستواجه إنتاجنا الزراعي، ولاسيما أننا نتحدث عن ضروريات لكفاءة الإنتاج وجودته كماً ونوعاً.

إن رفع سعر الأسمدة يعني، من جملة ما يعنيه، ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي، وبالتالي الارتفاع الحتمي في أسعار جميع المنتجات الزراعية، توازياً مع المزيد من تراجع الطلب والمزيد من الكساد والمزيد من الخسائر للفلاحين والمزارعين، ناهيك عن النكسات التي سيواجهها قطاعنا الزراعي -لا سمح الله- وخاصة في محاصيله الاستراتيجية.

فالمزيد من ارتفاع تكاليف إنتاج القمح والشوندر السكري والقطن، على سبيل المثال لا الحصر، إضافة لعوامل أخرى غير محفزة، يعني تراجعاً قد يكون كبيراً في زراعة تلك المحاصيل، الأمر الذي سيقابله منطقياً زيادة المستورد منها، في ضوء قيام اللجنة المكلفة بالتسعير بتحديد أسعار تقترب من التكلفة!!. كما يعني تراجعاً كبيراً في صادرات منتجاتنا الزراعية، مثل البندورة، وخاصة بعد أن تعرّض ملف صادراتنا لإحباطات متكررة، وفقدانه عدة أسواق لعدم قدرة منتجاتنا على المنافسة، وتراجع صناعاتنا الزراعية.. وكلّ ذلك وغيره بسبب الزيادات المتوالية في التكاليف!!.

وما بين تراجع كفاءة الإنتاج والتصدير وتبعات الاستيراد وزيادة الأسعار، تطالعنا التبعات الصحية الناتجة عن تقلّص السلة الغذائية للعائلة السورية، نتيجة للضعف الكبير في قوة الليرة الشرائية.

نعم، إن رفع أسعار الأسمدة ليس مجرد قرار، وانتهى الأمر، لا بل هو خطر لدرجة قد يكون من نتائجه هجرة الأرض وتصحرها وارتفاع نسب البطالة.

إن رفع ومضاعفة أسعار السماد يعني توزيع العجز المالي على المواطنين بسبب سوء إدارة الموارد الوطنية المتاحة، كذلك يعني البطء والتراخي في استقراء المستقبل، وبالتالي التحضُّر له، في مثل هكذا قضية مصيرية.

Qassim1965@gmail.com