الأمم المتحدة عاجزة في كل الأزمات!
عناية ناصر
تهدف الأمم المتحدة، التي تأسست عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية، إلى ضمان وتأمين السلام العالمي والعمل ضد التهديدات ومواجهتها. وعلى الرغم من ذلك، فإن الإخفاقات المتكررة لطخت تاريخها، حيث يُظهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر عدم قدرة الأمم المتحدة على وضع حد للفظائع التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، والتي راح ضحيتها آلاف الضحايا. وعلى نحو مماثل، تسلط الحروب في الصومال ورواندا وسورية الضوء على فشل الأمم المتحدة المستمر في إحلال السلام .
يلعب فهم هيكل المنظمة دوراً مهماً في فهم سبب فشلها في أحداث معينة، إذ أن مجلس الأمن هو الجهاز الرئيسي في هيكل الأمم المتحدة، وهو الهيئة الرئيسية لصنع القرار، وتتكون هذه الهيئة من 15 عضواً، مع خمس دول أعضاء تشغل مناصب دائمة وتمارس حق النقض، وتشمل هذه الدول روسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة.
لقد كانت قدرة هذه الدول التي تمارس حق النقض على استخدام حق النقض الخاص بها مصدراً للخلاف، حيث استخدم بعضاً منها وفي عدة مناسبات، حق النقض خدمة لمصالحها الوطنية الخاصة. وقد أدت مثل هذه الممارسات، في بعض الأحيان، إلى تعطيل البعثات الدبلوماسية للأمم المتحدة ومحادثات السلام. ونتيجة لذلك، فإن هيكل مجلس الأمن، الذي يتميز بتأثير حق النقض، الذي كان عاملاً حاسماً ساهم في تحديات وإخفاقات الأمم المتحدة في معالجة مختلف القضايا العالمية.
علاوة على ذلك، استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض عدة مرات لمواجهة قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تدين الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، واستخدام القوة ضد السكان المدنيين الفلسطينيين.
ويعد التدخل الأمريكي في العراق عام 2003، ثم في سورية عام 2014، بمثابة أمثلة مهمة تسلط الضوء على القيود التي تواجهها الأمم المتحدة في منع الصراعات وإدارتها. ففي الحرب على العراق، على سبيل المثال، نفذت الولايات المتحدة غزوها دون الحصول على تفويض صريح من مجلس الأمن، مما أظهر التحديات التي تواجهها الأمم المتحدة في فرض القانون الدولي والحفاظ على الأمن الجماعي. وفي المقابل، شهد غزو ليبيا من قبل تحالف بقيادة حلف شمال الأطلسي في عام 2011 جهوداً جديرة بالملاحظة من جانب الأمم المتحدة، ولكن الانقسامات العميقة في مجلس الأمن حالت دون تبني إستراتيجية متماسكة . تؤكد دراسات الحالة هذه على عجز الأمم المتحدة في المواقف حيث تتصادم مصالح القوى العظمى، مما يؤدي إلى الافتقار إلى الإجماع وعدم القدرة على معالجة الأزمات ومنعها بشكل فعال، مما يثير في نهاية المطاف تساؤلات حول مدى فعالية المؤسسة في الحفاظ على السلام والأمن العالميين.
وفي الحرب الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية و”إسرائيل”، يبدو أن الأمم المتحدة قد فشلت مرة أخرى، حيث واجهت جهود الأمم المتحدة عرقلة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. و بالنظر إلى هذه الأحداث، يبدو أن الأمم المتحدة، التي كانت مكلفة بحفظ السلام والأمن، تفشل في القيام بدورها.
ولذلك، هناك حاجة واسعة النطاق إلى إصلاحات في هيكل الأمم المتحدة، وخاصة في مجلس الأمن. وكذلك من خلال الحد من دور حق النقض في التعامل مع القضايا الدولية Kأو من خلال زيادة دول الفيتو التي من شأنها تقليص دور الأعضاء الدائمين المعاصرين في مجلس الأمن، وإعطاء تفويضات لمزيد من الدول في السياسة العالمية. وبهذه الطريقة، يمكن للأمم المتحدة أن تعمل بفعالية للتغلب على الأزمات المختلفة في جميع أنحاء العالم.
إن عجز الأمم المتحدة عن الوفاء بتفويضها المتمثل في توفير مكان للحل السلمي للصراعات، ليس أقل مما هو عليه في الوقت الحاضر، أمر محبط للغاية، حيث أيدت الأمم المتحدة بشكل عام، والجمعية العامة، بوضوح وضع حد لسفك الدماء في غزة، ولم يكن فشل الأمم المتحدة إلا نتيجة لاحتجاز الولايات المتحدة والعالم رهينة لها.
ومن المؤسف أن الولايات المتحدة، باعتبارها الدولة الأكثر ثراءً وقوة في تاريخ العالم، استخدمت تلك القوة والثروة لتحقيق أهدافها الخاصة، وهو ما كان على حساب البلدان الأخرى والعالم إلى حد كبير. إن الأمم المتحدة تعمل تماماً كما أرادت الولايات المتحدة، فهم يستخدمونها لمعاقبة من يعارضونهم ومساندة من يدعمونهم، بغض النظر عن العواقب الأخلاقية والمعنوية والقانونية الكامنة.
وبعيداً عن تحويل الأمم المتحدة إلى نمر من ورق ، فقد أوضحوا بما لا يدع مجالاً للشك أن اتفاقيات جنيف، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وغيرها من أشكال القانون الدولي لا تنطبق إلا على البعض منها، وكل ذلك وفقاً لتقدير الولايات المتحدة وحدها تقريباً. ونظراً لقوة الولايات المتحدة وولاء متملقيها، فكيف ستتمكن الأمم المتحدة من إنجاز عملية إعادة الهيكلة التي تشكل ضرورة أساسية للوفاء بروح تفويضها، خاصة وأن الولايات المتحدة، أو أي من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، لن يتخلوا طوعاً عن سلطتهم شبه الكاملة، ولست وما هي الآلية التي يمكن أن تفرض مثل هذا الإجراء.