معرضان لتمكين الفنون بإبداعات المرأة
حلب-غالية خوجة
تبدع المرأة السورية في كافة المجالات الفكرية والفنية والقيادية وتساهم في تمكين العائلة كخلية صغرى، والمجتمع كخلية كبرى، وتتحدى الظروف القاتمة والكالحة والرمادية، مساهمة في البناء، وهذا ما نلاحظه في إعمار الحياة اليومية بتفاصيلها، ومنها المساهمة في المعارض الفنية والمنتوجات اليدوية والحرف الموروثة.
لمسة إبداع
وضمن هذا الاهتمام تبرز معارض تمكين المرأة، ومنها معرض “لمسة إبداع بأنامل الحرير” الذي أقامه مركز دعم وتمكين المرأة في بستان الزهرة لمنتجات السيدات واليافعات في غرفة تجارة حلب، لمدة ثلاثة أيام، بمناسبة حملة 16 يوم لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وعرضت فيه السيدات واليافعات أعمالهن، ومنهن الأختان هلا ونغم صيرفي ومعروضاتهما من الإكسسوارات النسائية الملونة من مواد مختلفة، بينما نرى على طاولة أخرى دمى مصنوعة من الكروشيه صنعتها منال فاعور، إضافة لألبسة أطفال منسوجة بالمخرز، وتمنيت لو كان بين الدمى المعروضة ومنها سنفور وشخصيات كرتونية أن تكون دمية حلبية أو سورية، ووعدتني أن تفكر بذلك.
وللمتجول بين المعروضات أن يستمع لأنغام العود بأنامل العازفة ومعلمة الموسيقا غفران عرفه الحاضرة كضيفة شرف، كما له أن يرى الحقائب النسائية المصنوعة من خيط المكرمية والكليم بأنامل فدوى سرميني، التي وعدتنا أن تضيف لكل حقيبة قبعة وشالاً وقفازات.
وعلى طاولة أخرى، تبرز فنيات السيراميك كورود اختارت السيدة عبير قازان أن تجمّل بها الإكسسوارات من خواتم وأطواق وأساور ومزينات للشعر، وتبدو هذه الورود السيراميكية أجمل على فناجين القهوة والفخار.
وفي ركن مضاء بالأشغال اليدوية التراثية العربية والأرمنية والإكسسوارات وأشجار الميلاد المصنوعة يدوياً تقف الفنانة هوري سلاحيان لتخبرنا عن مشاركتها بهذا المعرض الهادف للعدالة الإنسانية بين الجنسين، مضيفة: غالباً، ما تكون مواد منتوجاتي من أرمينيا.
وتجذبنا طاولة الفنانة سهام آسطور أم الشهيد الطفل جاك سلوم بمعروضاتها المهتمة بأجواء الميلاد والسنة الميلادية وتزيينات الشجرة من نجوم لؤلؤية وقلوب حمراء وهدايا بابا نويل، إضافة للأزياء النسائية المصنوعة بأدوات تراثية مثل المخرز والسياخ، ولوحات تراثية للأثاث مشغولة بالإبرة، ولا تكتفي آسطور بهذه الأعمال لأنها متطوعة أيضاً لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، والمسنين.
معروضات تراثية
كذلك أقامت منظمة دوركاس فرع سورية “معرض تمكين المرأة”، في فندق شهباء حلب ـ قاعة بهو السينما، ليومين، بمشاركة 64 سيدة من منطقة مساكن هنانو، تم تدريبهن على مهنتي الفسيفساء الحجري والنول اليدوي، كما أخبرتنا جيسي عيسى منسقة مركز مجتمعي ومسؤولة مشروع المعرض من المنظمة، وتابعت: امتد المشروع مدة سنة، وهدفه تمكين المرأة وتدريبها على المهن، لأسباب عديدة، أهمها أنها مهن تراثية سورية نادرة، وتساعد المرأة على احتراف مهنة فنية، وتحقق من خلالها مردوداً مادياً يساعدها وعائلتها على متطلبات الحياة، وتضيف للمجتمع أيادٍ عاملة بتميز، كما أن بعض السيدات استطعن إيجاد فرص عمل خلال التدريب، وأيضاً، نهتم بالجانب النفسي من خلال جلسات للمتدربات وعائلاتهن.
أمّا عن المنظمة وأهدافها، فأجابتنا: جهة خاصة نشأت في هولندا، وحضرت في سورية منذ عام 2017، في دمشق وحلب، ولها مشاريع في إدلب وحماه وحمص، تدعم الحماية من الحروب والكوارث، والمستوصفات بأدوية وأدوات طبية، وتقدم مساعدات إغاثية مختلفة، وتهتم بجميع الفئات العمرية، كما تهتم بالتدريبات المهنية التراثية والمعاصرة، وتدعم المشاريع الصغيرة.
الفسيفساء فن أبدي
وعن فن الفسيفساء وتوظيفه في المنتوج الفني، قالت الفنانة أسماء محبك: فن الفسيفساء يسمى الفن الأبدي، وكان مقصوراً على لوحات جدارية وأرضيات الكنائس والقصور، لكن هذه المهنة التراثية الفنية أعدنا صياغتها بإطار حديث لتدخل كل بيت، وصنعنا منها الصناديق المختلفة الاستعمال، و”لامباديرات” الإضاءة، و”كوسترات” مرايا، ولوحة جدارية لتعليق المفاتيح، ودربت والفنان محمد غزال 40 موهبة، ومنتوجاتهن تشارك في هذا المعرض.
لوحات منسوجة بآلة النول
أمّا بالنسبة لآلة النول، فليس غريباً على عائلة “خصيم” الحلبية التي تتوارث مهنة النسج اليدوي على آلة النول أباً عن جد، أن يساهم أحد أفرادها الخبراء وهو إسماعيل في التدريب على فنيات هذه المهنة التي تنتج أعمالاً فنية ورسومات غير متوقعة من الخيوط التي تحتاج إلى صبر مناسب ينتسج معها مثل الزمن، ومنها رسومات صعبة مثل الشامية والحموية والبركليو الأنطكلي، لتتشكل لوحات من نوع خاص في البسط، والمجالس العربية، وأدوات الزينة.
نذكر أن الحرفي الفنان إسماعيل خصيّم، المتجاوز للستين عاماً، فقد أثناء الحرب الإرهابية 11 نولاً أصلياً من تراث العائلة، ونزح وعانى الكثير مثل أي مواطن سوري، لكن إرادته وإصراره وشغفه بهذا الفن عوامل دفعته لمواصلة الأمل والحياة.