تفاوت واسع في أجور أطبّاء الأسنان.. والنقابة: الأسباب كثيرة!!
دمشق – رحاب رجب
ربّما كانت طبابة الأسنان مهنة الغرائب بكلّ المقاييس، فرغم أنها تعدّ من المهن الطبية الأساسية ذات الطابع الإنساني، إلا أنها أبت إلا أن تخرج عن هذه القاعدة، فجميع التخصّصات الطبية يمكن أن يكون لها ناظم سعري واضح يميّزها، معت وجود فروقا تصنعها طبيعة الأحياء، بين غنية وفقيرة، وما يرتبط بذلك من تفاوت في أسعار إيجار العيادات حسب الموقع؛ أما بالنسبة لمهنة طب الأسنان فالأمر مختلف تماماً، حيث تظهر فروق حادة في تكلفة العلاجات السنية بين الأطباء في شارع واحد، وربما في المبنى الواحد، مع أن الطرفين يتعاملان مع مخبر تعويضات سنية واحد يتقاضى من كلّ منهما تكلفة متساوية تماماً لصناعة الأسنان. وهنا تكمن المشكلة الرئيسية، وخاصة إذا علمنا أنه لا فرق بين الطبيبين من حيث الكفاءة أو من حيث الأجهزة وتكاليف التأسيس، أو حتى من حيث الإيجار، فما سرّ هذا التفاوت يا ترى؟ وما رأي النقابة في هذه الإشكالية؟ وهل هناك قدرة لدى النقابة على ضبط هذا الأمر؟ أم أن هناك جهة أخرى هي المسؤولة عن فرض تسعيرة ثابتة للجميع؟ وإذا كانت موجودة بالفعل فما هي آلية العقوبات المفترضة الرادعة في هذا المجال؟
الكثير من المواطنين الذين التقتهم “البعث” أكدوا أن أجور المعاينات السنية تتفاوت بشكل رهيب بين طبيب وآخر، حيث ذهب أحدهم هو وزوجته إلى طبيبين في حي واحد في آن معاً، وكانت المصادفة أن المعالجة اقتضت سحب العصب السني لهما، فتقاضى الأول مبلغ ٨٥ ألف ليرة، بينما تقاضى الثاني ١٢٥ ألفاً، والعيادتان تبعدان عن بعضهما ٢٠٠ متر فقط، فهل من المنطق أن يحدث هذا التفاوت؟!
نقيب أطباء الأسنان، الدكتور زكريا الباشا، وفي معرض ردّه على هذه الأسئلة، أكد أن هناك أسباباً كثيرة لارتفاع أسعار المعاينات السنية، أوّلها أن ارتفاع الأسعار طال جميع المهن، ومهنة طب الأسنان واحدة منها وليست استثناء، حيث إن الضرائب الفلكية – على حدّ قوله – المفروضة على أطبّاء الأسنان، تعدّ أحد الأسباب، وكذلك قانون قيصر والعقوبات الأحادية المفروضة على سورية أدّيا إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية، وهي في أغلبها مستوردة من الدول الغربية وتعتمد على أسعار الصرف، بالإضافة إلى مبالغ أخرى يمكن أن تترتّب على تأمين وصول هذه المواد إلى سورية لتجاوز العقوبات.
ونفى الباشا وجود مخالفات واضحة لدى الأطباء في هذا المجال، مؤكّداً أنه في حال وجود مثل هذه المخالفات لدى أيّ منهم تتمّ إحالته إلى مجلس مسلكي في النقابة، حيث تبدأ العقوبات من تنبيه شفهي إلى تنبيه مسجّل، وتتدرّج إلى غرامة مالية من خلال مجلس النقابة الذي يتكوّن من مجموعة من أطباء الأسنان والنقيب، وذلك بحضور قاضٍ مكلّف من وزارة العدل للبتّ بهذه القضايا، وتحديد العقوبة الرادعة التي يمكن أن تصل إلى الإغلاق.
وأشار الباشا إلى عدم إمكانية إلزام الأطباء بالتعرفة التي لم يطرأ عليها أيّ تعديل منذ عام 2012، وأكّد أنه على الرغم من ارتفاع أسعار المعالجات السنية في سورية إلا أنها تعدّ الأرخص بين دول العالم، ولكن تدهور الحالة المعيشية لدى المواطن السوري وانخفاض قدرته الشرائية أدّيا بالنتيجة إلى ظهور فجوة واضحة بين المريض والطبيب في هذا الجانب، وهذه الحال تنسحب على جميع المهن. وفي المحصّلة، لا بدّ من البحث عن حلول لهذه الإشكالية، لأن ارتفاع التكاليف الذي أصاب جميع المواد دون استثناء لا يمكن أن يكون مسوّغاً للتفاوت الواسع في تكاليف المعالجات السنية بين الأطباء، وخاصة إذا حدث ذلك على مستوى عيادتين متجاورتين.