ماذا ستقدم الحكومة من محفزات للمغتربين…؟
علي عبود
ليس سهلاً أن تقنع رجل أعمال في الإمارات أن يستثمر في سورية، حتى لو كان سورياً مغترباً منذ سنوات دون محفزات وتسهيلات ومغريات منافسة. وبما أن رئيس الحكومة المهندس حسين عرنوس التقى يوم 30 /11 /2023 مجموعة من رجال الأعمال السوريين المغتربين في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن السؤال المنطقي: ماذا ستقدّم الحكومة من محفزات للمغتربين كي يستثمروا في وطنهم الأم سورية؟!
لقد سمعنا خلال السنوات القليلة الماضية عن دعوات متتالية، سواء من الحكومة أم من غرفة صناعة حلب، لعودة النازحين أو المهاجرين إلى دول عربية كالخليج ومصر. ومع ذلك كانت النتيحة صفراً.. فلماذا؟
لم تجب أي جهة حكومية عن السؤال: ما المحفزات التي ستدفع بالمهاجرين إلى العودة بعد أن أقاموا مشاريع متعدّدة الأحجام، من الصغيرة فالمتوسطة فالكبيرة، إلى سورية ليبدأوا من الصفر؟
نرى أن دعوة رئيس الحكومة خلال زيارته إلى الإمارات رجال الأعمال المغتربين المقيمين منذ عقود في الخارج أو رجال الأعمال المهاجرين حديثاً بفعل الحرب، للاستثمار في سورية خلال مرحلة إعادة الإعمار.. غير كافية، وتحتاج إلى إجراءات عملية.
هذه الدعوة تتطلّب الإجابة عن السؤال الأساسي الذي يطرحه كلّ رجل أعمال مغترب أو مهاجر حديثاً: ما المحفزات التي تغرينا للاستثمار في سورية المحاصرة عربياً ودولياً؟
لا يكفي أن نستعرض للمغتربين السوريين في دولة يصفها الكثيرون بأنها “قبلة المستثمرين العرب والأجانب” الفرص الاستثمارية العديدة المتاحة في سورية، والتسهيلات المقدّمة للمستثمرين والإعفاءات الممنوحة لهم وفق قانون الاستثمار “الذي ساهم بتأمين بيئة استثمار مناسبة وجاذبة في مختلف القطاعات”، فالسؤال على مدى السنوات القليلة الماضية، وسيبقى مطروحاً في السنوات القادمة: هل البيئة الاستثمارية السورية مشجّعة للمغتربين ليؤسّسوا مشاريع مربحة؟!
تكرار الحديث عن تقديم كلّ الدعم والتسهيلات لمن يرغب بالاستثمار في سورية، وخاصة في المدن والمناطق الصناعية، والعمل بالتشاركية مع القطاع العام في العديد من المشروعات الخدمية والتنموية ذات الأولوية، لن يحفّز أيّ مستثمر ما دامت مستلزمات أي مشروع غير متوفرة، وأبرزها حوامل الطاقة.
وخلافاً لما تُروّج له جهات حكومية من محفزات أخرى، كالعمالة السورية الرخيصة، فإن المستثمر يسعى دائماً للعمالة الماهرة والخبيرة مهما كانت أجورها عالية، كما أن القدرة الشرائية المتدنية لملايين السوريين لا تشجع أي مغترب للاستثمار في سورية حالياً، فالسؤال الأول للمستثمر: لمن سنبيع منتجاتنا؟
نعم، ما من حكومة إلا وتُعول “على الدور المهمّ للقطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والمجتمعية، وتعزيز دوران عجلة الإنتاج وتأمين المزيد من فرص العمل، وإقامة مشاريع استثمارية خدمية واقتصادية وتنموية تسهم في زيادة الإنتاجية والإنتاج، وتوفير مختلف السلع والمواد في السوق المحلية”، لكن إذا كان القطاع الخاص في سورية يتحدث عن تراجع إنتاجه بسبب ضعف القدرة الشرائية للسوريين، فهل ستتوقع الحكومة، أيّ حكومة، قدوم استثمارات خارجية ما دام تسويق منتجاتها شبه معدوم؟!
وعندما يطالب القطاع الخاص منذ سنوات برفع القدرة الشرائية للعاملين بأجر، فلأنه اكتشف أن عجلات إنتاجه تتراجع بدلاً من أن تزداد سرعتها، حتى مستوردات السلع الأساسية وصلت إلى حدودها الدنيا مع تدهور قدرة الناس على شرائها!
الخلاصة.. من المهمّ جداً التواصل المستمر مع المغتربين والمهاجرين السوريين لتشجيعهم على المساهمة في إعادة الإعمار، شرط أن تؤمّن الحكومات القادمة البيئة المحفزة والمنافسة والمدرّة للأرباح، ومن أبرزها حلّ أزمة الرواتب والأجور لملايين الأسر السورية، وحوامل الطاقة، والمدن الصناعية الحديثة… إلخ.