تطبيل وتزمير؟!
معن الغادري
تتكرّر زيارات الوزراء والمسؤولين إلى حلب وجولاتهم التفقدية للاطلاع على واقع العمل والصعوبات والتحديات التي تقف حجر عثرة أمام إنجاز واستكمال عشرات المشاريع الإنتاجية والتنموية.
ومع اختلاف الآراء حول أهمية هذه الزيارات وفعاليتها وتأثيرها وجديتها ونتائجها المرجوه، تبرز الكثير من الأسئلة حول الإعداد المسبق لهذه الزيارات، والتي غالباً ما تحاط من قبل المعنيين بحلب بكثير من الرعاية والعناية والاهتمام، لجهة حفاوة الاستقبال والتنظيم والتنسيق لإظهار الجانب الإيجابي وإخفاء الواقع السلبي وحالات الترهل والقصور في كافة مفاصل العمل المؤسّساتي. وهنا مكمن المشكلة والخلل، والذي من شأنه أن يفقد هذه الزيارات -المكلفة جداً- أهميتها ويحوّلها إلى جولات سياحية وترفيهية وتسويقية، خاصة وأن معظمها يتزامن مع العطل الرسمية أو عطلة نهاية الأسبوع.
وبعيداً عن القراءات التنظيرية والتقييمات غير المجدية في مثل هذه الحالات غير المستقرة والمنتظمة لآليات العمل والتعاطي مع مشكلاتها وصعوباتها، يجد الكثيرُ من المتابعين للشأن المعيشي والخدمي والاقتصادي والتنموي في حلب أن جلّ هذه الزيارات لم تنجح في كسر قاعدة وبرنامج الزيارات الروتينية والاستعراضية، وفي إذابة ألواح الجليد التي تغطي سطح مجمل الملفات العالقة.
ويرى كثيرون أن حلب ورغم كلّ ما حظيت به من دعم واهتمام وعلى أعلى مستوى في الدولة، ما زالت بحاجة ماسة إلى محرك فاعل وناجز لمقدراتها وطاقاتها، قادر على تغيير المشهد نحو الأفضل، وهنا السؤال يكبر جداً حول أداء أعضاء المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة، وغيابهم وربما تغييبهم عن القيام بمهامهم وواجباتهم، باستثناء بعض الحضور والمتابعات الخجولة والتي غالباً ما تكون مشروطة بعبارة -بتوجيه أو باهتمام أو بمتابعة- من رأس الهرم في المحافظة والممسك بالقرار، على الرغم من أن أي مهمّة يقوم بها عضو المكتب التنفيذي المختص هي من صلب اختصاصه وعمله ومهامه، ولا تحتاج قطعاً إلى أي تلميع أو إسناد لغير صاحبها، وعلى سبيل المثال: هل قيام المسؤول المختص بجولة تفقدية لحال الأسواق والأسعار وضبطه لعدد من المخالفات التموينية إنجاز كبير يستحق عليه الشكر والتقدير وكل هذا التطبيل والتزمير.
ما نودّ قوله وتأكيده في هذه العجالة أن العمل عن بعد والاستناد إلى سياسات الترقيع والتجميل وما يرافقها من تطبيل وتزمير تحت عناوين ومبررات الظروف الضاغطة، يشكّل الخطر الأكبر الذي يداهم منظومة عملنا المؤسساتي، ويوسّع من دوائر الترهل والفساد، وبالتالي لا بدّ أولاً من أن تبتعد زيارات الوزراء والمسؤولين إلى حلب عن أي رتابة مصطنعة، وأن تكون مفتوحة وغير قابلة للتدخل في برنامجها من المعنيين في المحافظة لتكون الصورة أوضح وأشمل للمسؤول، وليتاح له كشف مواقع الخلل ومعالجته، والأهم أن يكون لأي زيارة قادمة ومستقبلية بعدها الرقابي والتفتيشي لتكون نتائجها بحجم الطموحات والآمال المعقودة عليها. أما الأمر الثاني فلا بدّ من التحرر من التبعية والمركزية المحكمة في العمل التنفيذي، وأن يقوم كل مسؤول أو مدير بعمله ومهامه دون الحاجة إلى ترداد وتكرار وسماع النغمة المعتادة في حلب -بتوجيه من- فهل وصلت الرسالة؟!!.