اقتصادصحيفة البعث

المرصد العمالي ومعهد الدراسات والبحوث يطلقان منصة حوار: تحديد الأدوار الجديدة للدولة وإعادة بناء هيكل الحماية الاجتماعية

دمشق – علي بلال قاسم
دفع حرص “المجلس النقابي العمالي” في فهم وإدراك التوجهات التقليدية والجديدة للدولة في إدارة عملية التنمية الاقتصادية على إطلاق منصة حوار – تأتي بمثابة “الاستقصاء” حول السياسات والبرامج والخطط الرامية للوصول إلى بناء اقتصادي واجتماعي يحدد الأدوار الحديثة للدولة ويوضح العلاقة بين القطاعات الاقتصادية “عام وخاص وأهلي”.
ومن أرضية البحث في أولوية إعادة بناء هيكل الحماية الاجتماعية في سورية بما يراعي تلك المتغيرات راح المرصد العمالي للدراسات والبحوث وبالتعاون مع المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية باتجاه عقد ورشة حوارية تفاعلية على مستوى الخبراء والمستشارين، انطلاقاً من الدور الذي يلعبه الطرفان في مجال البحوث والدراسات التي تخص القوى العاملة والسكان.
وفي خطوة تفاعلية “مقصودة” تم الاستغناء عن أوراق العمل المعدة مسبقاً، ليتم – من وجهة نظر جمال القادري رئيس اتحاد العمال – إتاحة المجال المرن والفعال في النقاش الحر وإبداء الآراء بصورة ديناميكية أكبر، وتمكين مختلف المشاركين من تدوين ملاحظاتهم ومقترحاتهم بالشكل الأمثل وبالتالي الخروج بفائدة أكبر وأعم وأشمل، وهذا ما يشكل فرصة لتقديم مساهمات غنية للحكومة وصناع القرار التنفيذي، لاسيما أن جلسة النقاش – كما أكد القادري – لمواكبة الحراك المجتمعي وتسليط الضوء على القضايا التي تهم الناس في ظل التحولات الكبيرة داخلياً وخارجياً، حيث تتكثف الندوات والورش لإعادة تصويب البوصلة لمرحلة مابعد الحرب، فسورية واقتصادها لم يكونان ببعيدين عن التحديات عبر التاريخ، وهنا استعرض عبر سردية سريعة أبرز التغيرات التي حصلت منذ عام 1963 وحتى اليوم، معدداً رصيد هذا البلد من القطاعات والاقتصاديات وما تم تحقيقه من معدلات نمو عالية.
ورغم أن رئيس التنظيم النقابي قد نفى في سرديته أن يكون الاقتصاد السوري اشتراكياً خالصاً في يوم من الأيام، إلا أنه لم يعف القطاع الخاص من تحفظات تتعلق بقلة مبادراته ومشاركاته لتقتصر استثماراته على مشروعات استهلاكية بحتة، وبقيت القطاعات الحيوية خارج مرماه واهتماماته، ولم يك التنظيم العمالي ببعيد عن القيام بدوره الحقيقي بالانخراط بكل البرامج، وكان انتقاده علنياً لا لبس فيه تجاه العديد من الملفات والتوجهات، وأثبتت الأيام صحة الرؤى المقدمه، ومع ذلك أصر على أن الدولة لا تستطيع القيام بكل شيء وحدها ولابد من “الخاص” للاستفادة من الإمكانيات الهائلة لكل الأطراف.
وأضاف القادري أن اتحاد العمال كان دائماً من أنصار التكامل في الأدوار ولا مكان للعلاقة الإحلالية، مع التنويه أن القانون سمح للجميع الاستثمار ماعدا القطاعات السيادية في ظل عقيدة الربح المباحة للقطاع الخاص.
ولفت رئيس الاتحاد – في إحاطته – على أن هناك جدلا كبيرا في المجتمع وأسئلة تدور حول ماهية هوية المرحلة القادمة: هل تعود الدولة لما قبل الحرب..؟ وهنا تأتي الورشة كمناسبة للبحث عن حلول واجتراح فرص للتنمية تقوم على تكامل اقتصادي وإطلاق التعافي. وبناء علية لا يمكن الحديث عن التنمية بمعزل عن الإنتاج الحقيقي من صناعي وزراعي وخدمي، مشدداً على أن الفرصة ذهبية أمام الجميع من الخبراء للمشاركة في صياغة الحلول ومساعدة صاحب القرار في اتخاذ القرار، إذ علينا التفكير بعقل مفتوح ونية وطنية خالصة، فالسماء لا تمطر حلولاً، وفق تعبير القادري.
وقبل أن يترك المجال للحضور الغني والمتنوع من الباحثين والخبراء وأساتذة الجامعات عرج الدكتور جمعة الحجازي عميد المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية لجملة أسئلة مفادها: هل الهدف استعادة النمو الاقتصادي..؟ وهل تستطيع الدولة المحافظة على دورها الاجتماعي.. ؟ وهل نحن قادرين على اتخاذ خطوات جوهرية…؟ وهل يمكن بناء تحالفات مع القطاعات؟
وأبرز الحجازي المحاور التي تناقشها الورشة من تحديات إدارة عملية التنمية في سورية في ضوء الواقع الراهن وفي ضوء المتغيرات الجديدة، وكذلك مناقشة صيغ وأشكال التعاون الممكن في النشاط الاقتصادي في القطاعين العام والخاص ومتطلبات المرحلة المقبلة، مع التصدي لأفق تقييم واستشراف دور الدولة وحجمه في النشاط الاقتصادي في سورية مابعد الحرب.
وشكلت النقاشات المفتوحة فرصة للكثير من الحوارات والأفكار الجريئة والناقدة أحياناً والمهادنة في أحيان أخرى، حيث تناول المشاركون دور الدولة ومفاصل الخلل، والبيئة القائمة ومنغصاتها والقوانين والتشريعات، كما تطرق آخرون للرقم الاحصائي الشفاف وقلته، وتناولت معظم الحلول ضرورة صياغة تشريعات عصرية تناسب الواقع المستجد والخروج من التوظيف الاجتماعي، وإعادة صياغة دور الدولة المحفز وإصلاح القطاع العام.