آفاق التعاون في قمّة الصين والاتحاد الأوروبي 2023
هناء شروف
تقدّم القمّة المقبلة بين الصين والاتحاد الأوروبي في 7 كانون الأول لهذين اللاعبين العالميين الرئيسيين فرصة للتفكير في مجالات التعاون الحالية واستكشاف المزيد من إمكانيات التعاون. ومع تطوّر العلاقات الدولية بسرعة يحمل هذا الاجتماع أهمية خاصة في تقييم الديناميكيات الجيوسياسية بين الصين والاتحاد الأوروبي.
في الوقت الحالي يشمل التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي قطاعاتٍ مختلفة مثل التجارة والبيئة والابتكار والبحث. وفي حين أن الاعتبارات الاقتصادية لها أهمية قصوى، تم إنشاء تعاون في مجالات حاسمة مثل تغيّر المناخ والبحث العلمي والتعليم ما يعزّز العلاقات بين هذين الكيانين ويساهم في الاستقرار العالمي.
إمكانيات واسعة للتعاون
بوسع كل من الصين والاتحاد الأوروبي الاستفادة من نقاط القوة لدى كلّ منهما في التصدّي للتحديات العالمية. وتوفر القمّة المقبلة منصّة مثالية لاستكشاف العديد من فرص التعاون الغنية بالنقاط الأساسية التالية:
الاتصال والبنية التحتية: يمكن أن يؤدّي التعاون المتزايد في مجال الاتصال والمشاركة في مشاريع البنية التحتية الواسعة النطاق إلى التقارب لإنشاء شبكة عالمية قوية. ويمكن لمبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين واستراتيجية الارتباط للاتحاد الأوروبي أن تعملا على المواءمة وتسهيل التجارة وتعزيز العلاقات الاقتصادية.
التنمية المستدامة والطاقة المتجدّدة: أثناء مواجهة التحدّيات المناخية، يعدّ التعاون الوثيق لتعزيز التنمية المستدامة أمراً بالغ الأهمية، ويمكن للشراكات في مجال الطاقة المتجدّدة والتكنولوجيات النظيفة وخفض انبعاثات الكربون أن تساهم في تحقيق الأهداف المشتركة في مكافحة تغيّر المناخ.
الابتكار التكنولوجي: يمكن للتعاون في مجال الابتكار التكنولوجي أن يحفّز النمو الاقتصادي ويعزّز القدرة التنافسية العالمية، ويمكن للشراكات في القطاعات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وأبحاث الفضاء أن تخلق أوجه تآزر مفيدة للطرفين.
التعليم والتبادل الثقافي: زيادة الاستثمار في برامج التعليم والتبادل الثقافي يمكن أن تعزّز التفاهم المتبادل بين الشعبين الصيني والأوروبي، يمكن للشراكات بين الجامعات والمؤسسات الثقافية والشركات أن تخلق روابط دائمة وتعزّز الفهم الأعمق.
الاتفاقية الشاملة بين الصين والاتحاد الأوروبي بشأن الاستثمار
ستكون النقطة المحورية في هذه المناقشات هي دعوة الجانب الأوروبي إلى استئناف المفاوضات بشأن الاتفاقية الشاملة للاستثمار بين الصين والاتحاد الأوروبي، ومن الأهمية بمكان أن ندرك الإمكانات الهائلة للتعاون في هذا المجال. لا يمكن لهذه الاتفاقية أن تعزّز الاستثمارات الثنائية فحسب، بل ستساهم أيضاً في خلق بيئة اقتصادية مستقرة ويمكن التنبّؤ بها. إن الآليات العادلة لحماية المستثمر إلى جانب ضمانات التنمية المستدامة تشكل ضرورة أساسية لتحقيق النجاح على المدى الطويل.
إن الاعتراف بإمكانيات التعاون في مجال الاستثمار يمكن أن يخلق بيئة مواتية للابتكار والنمو. ومن خلال تبني نهج عملي وشامل يمكن أن يصبح إبرام اتفاق شامل بشأن الاستثمار حقيقة واقعة، ما يشير إلى استعداد القوتين للعمل معاً على الرغم من التحديات والاختلافات.
ومن خلال التوسّع في هذا الأمر، فإن التنفيذ الناجح للاتفاقية من الممكن أن يكون بمنزلة أنموذج لمناطق أخرى من خلال وضع معايير عالية لممارسات الاستثمار المسؤولة. ولن يؤدّي هذا النهج الحالم إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية فحسب، بل سيعمل أيضاً على ترسيخ دور الصين والاتحاد الأوروبي كدول رائدة في تعزيز الاستقرار الاقتصادي العالمي من خلال استراتيجيات الاستثمار التعاونية والمستدامة.
إن تبنّي هذه الروح التعاونية يمهّد الطريق لشراكات اقتصادية تحويلية عبر الحدود وتَعِد التأثيرات المتوالية لهذا التعاون الاستراتيجي بإعادة تشكيل مشهد العلاقات الاقتصادية الدولية. توفّر قمة الصين والاتحاد الأوروبي المقبلة في عام 2023 فرصة فريدة لتعزيز التعاون بين هذين الكيانين الرئيسيين. لقد حان الوقت بالنسبة لهاتين القوتين العالميتين لوضع خلافات الماضي جانباً وبناء شراكة قوية تقوم على الاحترام والتفاهم المتبادلين من خلال توحيد القوى في مجالات مثل المناخ والتجارة تستطيع الصين والاتحاد الأوروبي أن يؤدّيا دوراً حاسماً في تعزيز الاستقرار العالمي والتنمية المستدامة.