صحيفة البعثمحليات

في حملة الـ16 يوماً المناهضة للعنف ضد المرأة.. هل سنشهد مزيداً من التعديلات على بعض القوانين التمييزية؟

دمشق – لينا عدره

على الرغم من قلّة المواد التمييزية في قانون العقوبات، إلا أنه لا يمكن تجاهل وجود بعض المواد التي تمثل تمييزاً واضحاً بين الرجل والمرأة، وخاصةً تلك المتعلقة بـجرم الزنا، إضافةً لغياب قانون يتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، وفقاً لما أشارت إليه القاضي في النيابة العامة بدمشق فاطمة خليل التي أكدت أن تعديلها هو الأهم والأكثر ضرورة في الوقت الحالي.

حديث خليل تزامن (مع حملة الـ16 يوماً المناهضة للعنف ضد المرأة والتي بدأت بتاريخ 25 تشرين الثاني ولغاية 10 كانون الأول) منوهةً خلاله بالتعديلات الجدية والمهمة التي طرأت على بعض المواد في القانون السوري، ومشيرةً إلى جملة مقترحات سابقة أحدثت تغييراً مهماً قدمها تقرير لجنة مشكلة من وزير العدل بالقرار رقم 914 لعام 2013 تضمّنت تشديد عقوبة المواد /469 و470/ عقوبات، حفاظاً على حقوق المرأة نتيجة الزواج المعقود استناداً لهما، حيث صدر القانون 24 لعام 2018 ومقترح آخر لإلغاء المادة 548 عقوبات التي تتعلق بما يُسمّى “جريمة الشرف” التي تمّ إلغاؤها بالفعل بالقانون 2 لعام 2020.

خليل لفتت إلى أن سورية (بمصادقتها وانضمامها بموجب المرسوم 330 لعام 2002 إلى اتفاقية سيداو التي تخصّ القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعتمدة من الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1979  “مع الإشارة لتحفظها على بعض المواد”) بدأت العمل بشكلٍّ فعليٍّ لإجراء بعض التعديلات على القوانين والتشريعات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة، مثنيةً على ما تقوم به الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان باعتبارها المنسق الوطني لقضايا المرأة من خلال تنسيقها وتعاونها مع مختلف الوزارات عبر ورشات عملٍ، كان آخرها ورشة العمل التي عقدتها الهيئة مؤخراً بحضور اللجنة الوطنية لدراسة النصوص التمييزية ضد المرأة في التشريعات السورية، بمشاركة وزارت العدل التي مثلتها خليل والأوقاف والداخلية والشؤون الاجتماعية والعمل وأعضاء من لجان من مجلس الشعب، وتمّ خلالها تقديم بعض المقترحات فيما يخصّ قانون العقوبات وتحديداً المواد (473 و474 و475) المتعلقة بجرم الزنا والتي ميّزت في جرم الزنا بين المرأة والرجل، سواء في العقوبة ووسائل الإثبات وشروط التجريم، إضافة لمناقشتهم المادة /508/ من قانون العقوبات التي يستفيد فيها مرتكب إحدى جنايات الاعتداء على العرض (كالاغتصاب والفحشاء والخطف) من العذر المخفف وفق المادة 241 عقوبات، على ألا تقلّ العقوبة عن حبس سنتين، في حال تزوج المغتَصِب من المعتدى عليها بعقد زواج صحيح، ما يعني بالنتيجة إفلاته من العقوبة التي قد تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، وصولاً للإعدام إذا لم يتمّ المعتدى عليه الخامسة عشرة من عمره أو وقع تحت تهديد السلاح.

وتذكر خليل أن هذا النص تم تعديله بموجب المرسوم 1 لعام 2011، بعد أن كان النص السابق يُوقف الملاحقة بحق مرتكب هذه الجرائم في حال الزواج من المعتدى عليها وتعليق تنفيذ العقاب الذي فُرِضَ عليه في حال صدر حكم في القضية؟! لافتةً في ختام حديثها إلى مناقشة اللجنة لموضوع غياب قانون خاص بتجريم العنف ضد المرأة، خاصةً وأن التشريع السوري يعاقب على العنف ضمن نصوص عامة كقانون العقوبات وقانون منع الاتجار بالأشخاص، منوهةً بوجود قانون للحماية من العنف الأسري في دولٍ كـ الأردن والبحرين والكويت، وقانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري في لبنان، في حين كانت تونس سباقة في وضع قانون أساسي يتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، وكذلك المغرب الذي أقرَّ قانون محاربة العنف ضد النساء عام 2018.

إذاً لا بد إذا ما أردنا الوصول إلى قانون يحقق الأفضل للمرأة السورية ويقضي على العنف ضدها، من إعطاء مساحة كافية في الإعلام لمثل هذا النوع من القضايا، كونه الأقدر على إيصال الرسائل والأفكار للضغط على المؤسسات المعنية لممارسة دورها بالشكل الأمثل، وانطلاقاً من ذلك لا بأس من التذكير ببعض الخطوات التي اعتمدتها عدة دولٍ عربية لوضع حدٍّ لبعض أشكال العنف ضد المرأة كتوجّه عددٍ منها على سبيل المثال لا الحصر إلى الاحتفاظ بإجراء المحاكمة القانونية للمغتصبين حتى وإن وافقوا على الزواج من ضحاياهم، وإلغاء نص قانون العقوبات الذي كان يوقف الملاحقة القضائية بحق المغتَصِب في حال الزواج من ضحاياهم كـ مصر التي ألغته عام 1999 والمغرب في عام 2014، لتسلك الأردن ولبنان الاتجاه نفسه عام 2017 إضافةً للجزائر وتونس وفلسطين.

وختاماً لا بدّ من التذكير بافتتاح وحدة حماية الأسرة لعام 2017 التي تتبع للهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، والتي تشكل ملاذاً آمناً للناجيات من العنف، حيث تستقبل الإناث من كلّ الأعمار، وتتألف من قسمين: وحدة النساء ووحدة الأطفال، وتتضمن حماية ورعاية مجانية تهتمّ بالعنف النفسي والجنسي، حيث تتمّ إحالة الحالات عن طريق الجهات الحكومية والأهلية التي أسست معها الوحدة شراكات.