ثقافةصحيفة البعث

“طوفان الأقصى” بأنامل شابة ومسؤولة   

 

حلب- غالية خوجة

يحدث أن أذهب، أحياناً، إلى الفعالية قبل يوم من حدوثها، أو أن أذهب إلى مكان آخر مشابه لمكان الفعالية، ربما نتيجة ازدحام في وعيي، فيطير بي إلى ما يحاورهُ لا وعيي، وهكذا، وجدتني ذاهبة إلى صالة الأسد للفنون الجميلة، بدل صالة أخرى، وقبل مترين من دخولها، شاهدت شابة وشاباً من اليافعين، يحمل كل منهما لوحته المرسومة من وحي “طوفان الأقصى”، ويمشيان، فاستوقفتهما متسائلة: هل كان هناك معرض؟ أم انتهى المعرض؟.. فأجاباني: لا يوجد معرض اليوم، لكننا استلمنا رسومنا من الصالة، وكل منا عائد إلى بيته مع لوحته.

كانت السماء ملبدة بغيوم بيضاء تمسك بالثلوج التي ستسقط في لحظة ما، في مكان ما، ليكتمل الاحتفال بالميلاد المجيد والسنة الميلادية الجديدة التي نأملها سنة خير وازدهار على سوريتنا الحبيبة والعالم.

وقرب الصالة التي لا معرض فيها اليوم، تقبع حديقة صغيرة يرودها الناس والأطفال ليلعبوا بألعابها المتبقية، وتبدو أشجارها متلونة بألوان الشتاء المحتفي بالبرودة الحيوية، فاقترحت أن نجلس على كرسي في هذه الحديقة، ونتعرف إلى الفنانين الصغيرين من الجيل الشاب، ولماذا يحمل كل منهما لوحته؟ وكيف عبّر عن انتمائه المقاوم؟

مشاعري لونت الأشعة

فأجابتني تُقى عزيزة وهي طالبة في الصّف الثّاني الثّانوي العلمي: “أحببت المشاركة في معرض حول فلسطين ـ طوفان الأقصى، لأنني أستطيع التعبير عن مشاعري لونياً من خلال الرسم، رسمت قبة الصخرة، وحاكيت صورة واقعية للأقصى، لكنني حوّلت فيها بطريقة ما بسبب مشاعري، خصوصاً الألوان والخلفية، وفوجئت بأن اللوحة التي رسمتها هي غير الصورة التي بدأت بها، فصار لون السماء والفضاء مشعّاً بالأصفر مثل لون القبة الذهبي، وكأنه يمنح الأمل القادم”، مضيفةً: “كانت لي مشاركة في معرض جماعي مشترك في صالة الأسد للفنون الجميلة أقيم بالتعاون بين اتحاد الفنانين التشكيليين والجمعية العلمية التاريخية”.

رسمت المفاجأة

بدوره، قال هيشيار خليل الطّالب في الصف الثّالث الثّانوي العلمي: “حاولت أن أرسم الأقصى من صورة، لكن اللون الأحمر المزهر الرامز إلى دم الشهداء سيطر على خلفية اللوحة من دون شعوري، وظهر في الفضاء رجلان مظليان من أبطال المقاومة، فأكملت هذا الجزء من المسجد الأقصى، وجسدت المفاجأة التي حدثت في السابع من تشرين الأول، كما أنني اهتممت بالزركشة البيضاء والخضراء على العواميد الحاملة لقبة الصخرة لتدل على السلام والسنابل، على الرّغم من دخان المعركة الذي ترك آثاره على النوافذ”.

طفلة موهوبة في الحديقة

وبينما نحن جالسون واللوحتان بيننا، تقدمت منّا طفلة صغيرة، وعبّرت عن إعجابها باللوحتين، وأخبرتنا أنّها تحبّ الرّسم، وتمارس هذه الهواية في المنزل، لأنّ المدرسة لا تهتمّ بهذه المادة، ثمّ ودّعتنا وذهبت برفقة أخيها، ومثلها فعل الفنّانان الصّغيران، فقد حملا لوحتيهما وتابعا سيرهما في شوارع حلب الجميلة.