الغرب يعلن هزيمته في أوكرانيا
تقرير إخباري
واضح أن الغرب الجماعي أدرك جيّداً بعد نحو عامين من الدعم المستمر للنظام الأوكراني، أنه من المستحيل هزيمة روسيا أو إضعافها، وبالتالي راح يختلق الذرائع الواحدة تلو الأخرى لتبرير هزيمته أمام روسيا، فكان أن اتهم النظام الأوكراني الذي دفعه دفعاً نحو ما يسمّى “الهجوم المضاد” بأنه أساء تقدير الموقف ولم يتّبع التعليمات الغربية جيّداً، بينما أثبتت الوقائع أن الدول الغربية مجتمعة كانت مدفوعة بحلم يداعب خيالها ليلاً نهاراً بهزيمة روسيا استراتيجياً واستعمارها، ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفن الأطلسي.
والآن لم يعُد الغرب يخجل من إعلان هزيمته أمام روسيا، ولكنه بات يخشى أكثر من أيّ وقت مضى، أن تستمر الحرب في أوكرانيا في ظل عجز كامل عن الاستمرار في إمداد النظام الأوكراني المهزوم بالسلاح دون جدوى، بل يخشى فعلياً أن يتكرّر مشهد مشابه للحرب العالمية الثانية من خلال وصول الجيش الروسي إلى الغرب الأوكراني في لفوف، وبالتالي يصبح على تماسٍ مباشر مع الحلف في ألمانيا التي تعدّ معقل الحلف العسكري حيث تتركز فيها أغلب ترسانته من الأسلحة الاستراتيجية، وبالتالي يكون السحر قد انقلب على الساحر، فبدلاً من قيام الحلف بمحاصرة روسيا عبر أوكرانيا، تتمكّن روسيا من الاستيلاء على ما يشبه جيب كاليننغراد في عمق أراضي الحلف، حيث ستكون بولندا عارية بالفعل أمام أيّ اندفاعة روسية إذا ما قرّرت استفزاز موسكو هناك، والحلف ليس في وارد الدفاع عن أحد بعد أن تم استنزافه في أوكرانيا إلى أبعد الحدود، كما أن سلّم الأولويات الآن بالنسبة للغرب هو في دعم الكيان الصهيوني في عدوانه على غزة، حيث يعدّ الكيان حاملة طائراته في شرق المتوسط.
ومن هنا، قال ضابط المخابرات الأمريكي السابق سكوت ريتر: إن فلاديمير زيلينسكي إذا لم يبدأ مفاوضات السلام بشروط روسيا، فقد يفقد السيطرة على مزيد من المدن، ومنها أوديسا ونيكولاييف وخاركوف ودنيبروبيتروفسك.
وحذّرت تقارير إعلامية غربية الرئيس الأوكراني من أن الكابوس الذي يخشاه بات قاب قوسين أو أدنى، وذلك من خلال إمكانية اقتراب وقف الحلفاء الغربيين دعمهم لكييف، وبالتالي عليه أن يختار سريعاً الاستسلام إلى روسيا بشروطها قبل أن يقع المحظور، حيث تتعثّر المساعدات الأمريكية والأوروبية بسبب التعب من الأزمة الأوكرانية.
ووفقاً لشبكة NBC، يناقش المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون مع سلطات كييف العواقب المحتملة لمحادثات السلام مع روسيا، بما في ذلك ما قد يتعيّن على كييف التخلّي عنه للتوصل إلى اتفاق.
وقال أليكسي دانيلوف، أمين مجلس الأمن القومي والدفاع في أوكرانيا، الأسبوع الماضي: إن كييف تشعر بالقلق من أن الغرب بدأ يشير إلى الحاجة إلى الحوار مع موسكو.
أما صحيفة “إندبندنت” فقد أكّدت أنه سيتعيّن على الرئيس الأوكراني التخلي عن الأرض مقابل السلام تفادياً لخسائر أفدح، رغم أن ذلك سيعني هزيمة أوكرانيا والولايات المتحدة وأوروبا.
وقالت الصحيفة: “الأرض مقابل السلام مبدأ قديم وغير شعبي، لكنه قد يكون السبيل الوحيد لإنهاء النزاع وإنقاذ أوكرانيا من خسائر أشدّ كارثية”.
وأشارت إلى أن مثل هذا القرار سيعني هزيمة أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة التي ستكون الأقل تضرّراً، وهذا يعني بالمطلق أن الغرب بات يشعر بعجزه عن إمكانية منع روسيا من التوغل أكثر في الأراضي الأوكرانية، وبالتالي فإن نظرية الأمن بالنسبة إلى حلف شمال الأطلسي “ناتو” الحامل العسكري والأمني للمنظومة الغربية، صار على المحك.
طلال ياسر الزعبي