سيؤول تلعب بالنار.. وواشنطن في الظل
تقرير إخباري
في آخر فصول العداء بين الكوريتين الديمقراطية والجنوبية، حذّرت بيونغ يانغ جارتها الجنوبية من أن الحرب أصبحت “مسألة وقت” في شبه الجزيرة الكورية بعد إلغاء اتفاقية خفض التوتر بين الدولتين مهدّدة بأن تواجه سيؤول “انهياراً تاماً” إذا قامت بأيّ عمل عدائي.
تحذيرات كوريا الديمقراطية جاءت رداً طبيعياً على تعليق سيؤول الجزئي للاتفاقية العسكرية التي وقّعت بين الكوريتين عام 2018 في بيونغ يانغ ونصّت على الحدّ من التوترات الحدودية ومنع الاشتباكات العرضية. فعلياً ألغى الجانب الديمقراطي الاتفاقية الشهر الماضي بعد أن علّقها الجانب الجنوبي جزئياً، احتجاجاً على إطلاق الأولى الناجح لقمر صناعي للاستطلاع العسكري، ومنذ ذلك الحين أعادت كوريا الديمقراطية بناء نقاط الحراسة ونشرت أسلحة نارية ثقيلة على طول الحدود.
التحرّكات الحمقاء والمتهورة التي قامت بها “المجموعة الدمية” التي تسبّبت بإلغاء الاتفاقية بغية خلق مواجهة عسكرية شديدة من جديد في شبه الجزيرة الكورية تماثل في الخطورة ما كانت عليه قبل اعتماد الاتفاقية التي كانت الآلية الدنيا والخط الأخير لمنع الصراع العسكري العرضي في المنطقة الواقعة على طول خط ترسيم الحدود العسكرية، حيث تقف قوات مسلّحة ضخمة بأعلى كثافة وأكثر مواجهة حادة في العالم.
متابعون إستراتيجيون لمسلسل العداء الكوري يرون أنه إذا كان إطلاق كوريا الديمقراطية للقمر الصناعي يشكّل انتهاكاً للاتفاقية الشاملة فإن إطلاق سيؤول لقمرها الصناعي للتجسس العسكري لن يكون مختلفاً، إذ إن أي عمل عدائي من جانب المجموعة الدمية ضد كوريا الديمقراطية سيؤدّي إلى تدمير بائس لجيش الدمى والانهيار التام لكوريا الجنوبية.
يذكر أن الحرب الكورية كانت أولى الحروب ذات البعد الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، وانتهت بهدنة بين الطرفين عام 1953. وترجع أصول الحرب تلك إلى انهيار الإمبراطورية اليابانية في نهاية الحرب العالمية الثانية في أيلول عام 1945 حيث تم تقسيم البلاد لأغراض إدارية عند خط عرض 38 درجة شمالاً، وبقي هذا التقسيم مؤقتاً من وجهة النظر الأمريكية ولم يتمكن الطرفان من الاتفاق على صيغة تنتج كوريا موحّدة، وفي عام 1947 أقنع الرئيس الأمريكي هاري ترومان الأمم المتحدة بتحمل المسؤولية عن البلاد على الرغم من أن الجيش الأمريكي ظل مسيطراً إسمياً على الجنوب.
وفي أواخر شهر تموز من عام 1953 عرفت الحرب الكورية نهايتها عقب قبول الطرفين بوقف إطلاق النار، وفي الفترة التالية اتجهت الكوريتان عقب جملة من المحادثات لإنشاء خط ساخن بين الطرفين، ومن خلاله حاول الجانبان تبادل المعلومات والتشاور لوقف حدة التصعيد ومنع اندلاع حرب جديدة، لم تعقبها معاهدة سلام، وتحوّل خط المواجهة (المنطقة منزوعة السلاح) إلى الحد الفاصل بين الدولتين، ورغم محاولات توطيد العلاقات بين الكوريتين، إلا أن الأوضاع السياسية بينهما بقيت مشتعلة ومتوترة.
في المحصلة عداء القطبين الشيوعي والرأسمالي قديم حديث، وسيبقى ما دام الأمريكي يسعى إلى التفرّد بقيادة العالم وإقصاء الآخر، فهل سنشهد صراعاً في شبه الجزيرة الكورية يدفع فيه المحرّضون ثمناً باهظاً؟.
ليندا تلّي