“فجوة” بلينكن تزيد عزلة واشنطن العالمية
تقرير إخباري
أعاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إطلاق الأكاذيب التي اعتادت الإدارة الأمريكية تسويقها حول “اهتمامها” بحياة المدنيين الفلسطينيين في غزة المنكوبة والمدمرة بالسلاح والذخيرة الأمريكية، إذ اعتبر أنه “ما تزال هناك فجوة بين نية (إسرائيل) لحماية المدنيين والنتائج على الأرض في غزة”، في اعتراف ضمني بجرائم ومجازر “إسرائيل” في القطاع المحاصر، وإقرارٍ ضمني أيضاً بمسؤولية واشنطن عن ذلك على اعتبارها المشجع الأول لـ “إسرائيل” في كل خطواتها فيما سمته “الدفاع المشروع عن النفس”.
كذلك تابعنا تتمة هذا المشهد التمثيلي على يد جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض الذي ادعى أن بلاده “تشارك المجتمع الدولي القلق بشأن الوضع الإنساني في غزة”. وطبعاً هذا المشهد التمثيلي للأسف لم يكتمل على أرض الواقع، فبعدها بساعات استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار مجلس الأمن الداعي لوقف إنساني فوري لإطلاق النار في غزة، في تناقض يظهر تخبط ونفاق في موقف الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن المقبل على انتخابات رئاسية، أثر على حظوظه بالفوز فيها موقفه المؤيد بشدّة لجرائم جيش الحرب الإسرائيلي وتغطيتها، والذهاب أبعد من الدعم المعنوي والسياسي والمالي لحكومة الاحتلال وصولاً إلى المشاركة المباشرة في الحرب من خلال ترأس مجلس حرب كيان الاحتلال، وإرسال القوات الخاصة الأمريكية إلى “تل أبيب” وتزويدها بالدعم الاستخباري، والذخيرة الخارقة للتحصينات، وصولاً إلى التهديد بشنّ الحروب وتوسيع الصراع ضد كل من يحاول مساندة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة.
وفي الحقيقة لا يمكن تفسير مواقف واشنطن الأخيرة المتخبطة ضمن سياق الإنتخابات وحدها، بل لا بد من ملاحظة مدى الشعور بالعزلة على مستوى الدعم الدولي لما تمارسه “إسرائيل” من إبادة جماعية في غزة، فالمواقف المتشددة التي أطلقها حلفاء أمريكا و”إسرائيل” عقب معركة “طوفان الأقصى” واعتبار عدوان “تل أبيب” على غزة “دفاعاً مشروعاً عن النفس”، آخذة بالتحول نتيجة الضغط الشعبي العالمي الرافض للعدوان، وآخرها الموقف البريطاني الممتنع عن التصويت على قرار الوقف الإنساني الفوري لإطلاق النار في غزة، حتى وإن أيده بعض أتباع إدارة بايدن كفرنسا واليابان.
من هنا يمكن فهم التسريبات التي انتشرت في الصحافة العالمية عن تحديد واشنطن نهاية العام الحالي موعداً لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة وإبلاغها حكومة الاحتلال بذلك، وعليه يمكننا العودة إلى “فجوة” بلينكن، وطرح سؤال عن عدد الشهداء الفلسطينيين الذين يجب أن يرتقوا مع اقتراب وصولهم من عشرين ألفاً، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، حتى تعترف الإدارة الأمريكية أن ما يحدث في فلسطين أكبر من “فجوة”، وإنما هو جريمة ونكبة وكارثة ووصمة عار على جبين الإنسانية تطال أكثر من مليوني إنسان في أكبر سجن مفتوح في العالم ويجب إيقافها.
إبراهيم ياسين مرهج