ارتفاع أسعار الأسمدة يربك المصرف الزراعي ويعيق عمل الفلاح
دمشق- محمد العمر
تزداد معاناة الفلاح في الحصول على الأسمدة، والخوف من عدم تأمينها في ظلّ بداية موسم جديد من زراعة المحاصيل الشتوية، خاصة وأن الكثير من المزارعين في جمعيات عدة ومناطق مختلفة، لم يعودوا قادرين على تأمين هذه المستلزمات في السوق السوداء بعدما راح التّجار والسماسرة يضربون أرقاماً فلكية في بيعها، وهو ما يهدّد بتراجع الإنتاج الزراعي، وخاصة في زراعة محصول القمح الذي يحتاج لكميات جيدة من السماد، وليس هذا فحسب، بل الانعكاس السلبي، سيكون على المواطن الذي سيدفع ثمن ارتفاع التكاليف تلك بعد مواجهة قاسية لارتفاعات أسعار الخضار والفواكه والمنتجات الغذائية بشكل عام.
بيت القصيد
أحد الفلاحين أكد لـ “البعث” أنه لا بدّ من توفير مادة السماد (يوريا وسوبر فوسفات) لزراعة محصول القمح الشتوي، نظراً لأهمية سماد سوبر فوسفات في الرش حالياً في زراعته، حيث إن حاجة الدونم الواحد المزروع من القمح وفق الخطة الزراعية 30 كيلو من السماد، لكن الذي يتمّ منحه اليوم للفلاحين نحو 15 كيلو لكلّ دونم، بواقع 50 بالمئة من جدول الاحتياج، متسائلاً عن توفر المادة في السوق السوداء بشكل كبير وبأسعار مرتفعة جداً تفوق طاقة الفلاحين، ومن نوعية السماد نفسها التي تُباع من المصرف الزراعي.
رئيسُ مكتب الإحصاء والتخطيط في الاتحاد العام للفلاحين، جزاع الجازع، أكد أن الاحتياج الكليّ للموسمين الصيفي والشتوي على مستوى القطر من سماد اليوريا وفقاً للخطة الإنتاجية الزراعية بلغ 800 ألف طن، منها نحو 150 ألف طن الاحتياج اللازم للمحاصيل الاستراتيجية والأشجار المثمرة، كما يبلغ الاحتياج الكليّ من سماد السوبر فوسفات الثلاثي 537 ألف طن منها 50 ألف طن احتياج المحاصيل الاستراتيجية والأشجار المثمرة، أما الاحتياج الكلي من سماد سلفات البوتاس فيبلغ 393 ألف طن، والاحتياج اللازم منها للمحاصيل الاستراتيجية والأشجار المثمرة هو 10 آلاف طن.
تغير الحال..!
لا شكّ أن الأمور قد تغيّرت كثيراً في تسويق الأسمدة للفلاحين من قبل المصارف الزراعية وذلك منذ بداية العام الحالي، وخاصة بعد توجيه “اللجنة الاقتصادية” لها ببيع السماد مهما كان نوعه، وفق التكلفة الفعلية بعد احتساب تكاليف ومستلزمات الإنتاج الحقيقية، وتحديد هامش ربح 2 بالمئة للمصرف الزراعي التعاوني من أجل تغطية تكاليفه، لكن هنا بعد هذا التطور، انقلبت المعادلة وبات الفلاح مستجراً من السوق السوداء بشكل كبير، فالذي حدث تماماً حسب قول خبراء الاقتصاد أن عملية تخفيض حصة الفلاحين من السماد التي يتمّ توزيعها من المصارف الزراعية التعاونية، قد ألزمت الفلاح بتدبير أموره بنفسه من خلال الشراء مما يحتاجه من السوق السوداء، ما جعل الطلب في السوق السوداء يزداد لتصل الأسمدة بعد ذلك إلى مستويات غير مسبوقة.
غير واقعية
أما رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين محمد الخليف فيعتبر أن قرار رفع سعر الأسمدة لم يكن مرضياً للفلاح، خاصة وأن السوق السوداء باتت الأسعار فيها غير واقعية، ما يجعل الفلاح أمام خيارات صعبة، وبالتالي أمام خسارة حاصلة في أغلب المحاصيل، كما أن أرقام الأسعار قد تغيّرت، كما يقول الخبير الاقتصادي محمد القاسمي منذ العام الماضي إلى الآن، بعدما ارتفعت أكثر من 200 بالمئة، ليترحّم الفلاح على الأسعار الماضية، حيث كان طن سماد اليوريا العام الفائت بـ 3 ملايين ليرة، وكان سعر طن سماد السوبر فوسفات 2 مليون ليرة وسعر طن سماد نترات الأمونيوم 1.6 مليون ليرة، وبمقارنتها مع العام الحالي، فقد ارتفعت الشيء الكثير، وانعكس ذلك على تدهور القطاع الزراعي في ظلّ تناقضات من توفر السماد بالمصارف الزراعية والعمل على تأمينه للفلاحين.
تقاذف بالمسؤوليات حتى بمراقبة سعر السماد في السوق، ومن المسؤول عنها، هي دوامة كبيرة أيضاً، فمديرية الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تدّعي أن مراقبة أسعار السماد من مسؤولية وزارة الزراعة، و”لا علاقة لنا بذلك!”، ووزارة الزراعة تقول، بالمقابل، إن مراقبة الأسعار بالنسبة للسماد من اختصاص وزارة التجارة الداخلية، وأن عليها، هي، مراقبة السماد فنياً فقط، بأخذ عينات من السماد ودراسة مدى مطابقتها للمواصفات الفنية المطلوبة، ليكون هذا التخبّط بالنهاية محطّ جدل واسع، ما يثير عدة تساؤلات عما يحصل في القطاع الزراعي، والى أين يتجه!!