اسعار المنتجات الحيوانية تواصل التحليق.. والمواطن يسأل عن الحلول؟!
دمشق – البعث
أمام التهاون الرقابي في سوق المنتجات الحيوانية واستمرار أسعار هذه المنتجات محلّقة وكاوية، سواء للحوم أم الألبان والأجبان، فإن عدم استجابة السوق لإجراءات كبح جماح الأسعار، يفتح التساؤلات على مسبّبات أشد تأثيراً في معادلة العرض والطلب والسعر الأعذار التي تزيد من معاناته.
وأما الجهات المعنية وبحسب العديد من التصريحات من وزارة الزراعة والمؤسسات المعنية فتعزو ارتفاع أسعار هذه المنتجات إلى تناقص أعداد الثروة الحيوانية حسب تقاريرها الإحصائية، وترى أن هذا النقص انعكس على نقص في المنتجات الغذائية ذات المنشأ الحيواني، وأن يترافق مع ارتفاع مضاعف في الأسعار، ولكن هل يبرر هذا النقص عدم ضبط التداول العشوائي المخالف لأصول، وضوابط بيع، وتسويق المنتجات على حساب المواصفة، والجودة، والقواعد الصحية لنقل وتخزين هذه المنتجات، وطريقة حفظها، وانتشار ظاهرة الذبح العشوائي للقطيع دون فرض إجراءات مشددة، وتطبيق ضوابط دقيقة لمنع ظاهرة الذبح العشوائي.
وكما سبّب التهاون في ضبط تداول منتجات الثروة الحيوانية إلى لهاث التجار وراء الربح غير المشروع، وبالتالي تأجيج لهيب الأسعار في الأسواق المحلية، وتعذّر حصول المواطن على احتياجه الطبيعي من هذه المنتجات بما فيها الألبان والأجبان، ناهيك عن اللحوم الحمراء.
وتضع مديريات الزراعة التراجع في عدد القطيع إلى ارتفاع أسعار الأعلاف بشكل كبير، وصعوبة نقل المنتجات العلفية بين المحافظات، وارتفاع تكاليف النقل، وانخفاض الريعية الاقتصادية لعملية التربية، وعدم تناسب سعر المنتج مع تكاليف الإنتاج، ما أدى إلى عزوف عدد من المربين عن عملية التربية، وعدم إمكانية إدخال منشآت جديدة للإنتاج الحيواني، وذلك بسبب صعوبة إجراء التراخيص، ومن الأسباب أيضاً خروج عدد كبير من مراكز التربية من الخدمة، وتعرّض المربين لخسائر كبيرة جراء الأضرار التي طالت قطاعات الدواجن والأبقار والأغنام جراء الظروف الراهنة، وهناك عامل هام أدى إلى زيادة الطلب بشكل كبير على المنتجات ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، هو ضعف تمويل مربي الثروة الحيوانية من قبل المصارف المخصصة لهذا الشأن.
المربون والمنتجون الذين التقتهم “البعث” يطالبون بمعالجة حقيقية وفورية، تكفل تصويب عملية التربية، وتحفيز المربين، ومنحهم قروضاً طويلة الأجل، وبفوائد، وشروط ميّسرة، وتشجيع إقامة مشاريع، أو مجمّعات إنتاجية متكاملة للثروة الحيوانية (إنتاج – تصنيع – تسويق )، وتبسيط إجراءات ترخيص منشآت الإنتاج الحيواني بالتنسيق مع الجهات صاحبة العلاقة، ودعم المؤسسة العامة للأعلاف بحيث تصبح قادرة على مواجهة أي أزمات، وذلك بإقامة صوامع لتخزين المواد العلفية الأولية كمخزون استراتيجي، ومعامل لتصنيعها، وزيادة المقنن العلفي بالنسبة للرأس الواحد، وإنشاء مذابح آلية للدواجن والأبقار مجهزة فنياً بعيدة عن المدن لتنظيم حاجة السوق، والقضاء على حالة الكساد في حينها، وتأمين الكادر الفني المختص والمدرّب للعمل في مجال الثروة الحيوانية، وضبط الأسواق من خلال إحداث نقاط طبية في كل الأسواق الحيوانية في المحافظة لها صفة الضابطة العدلية، تنظّم عملية دخول وخروج الحيوانات من الأسواق بموجب وثائق مخصصة ومعتمدة لهذا الغرض، وتراقبها صحياً، ومن خلالها يتم نقل الحيوانات بين المحافظات بمنح وثائق بالتعاون مع الجهات المعنية، ومكافحة ظاهرة التهريب التي تستنزف قطعان الثروة الحيوانية، والتشدد في منع هذه الظاهرة، ومحاسبة المتسببين بها، ومكافحة ظاهرة الذبح العشوائي للقطعان خارج المسلخ، وتفعيل إجراءات حماية وتنمية الثروة الحيوانية.
لقد انعكس النقص الحاصل في المواد العلفية سلباً على احتياجات الثروة الحيوانية ومردود المربّين والمنتجين في آن معاً رغم كل التدابير المتخذة للحدّ ما أمكن من الصعوبات التي تعترض تأمين المنتجات العلفية بسبب خروج العديد من المنشآت والمستودعات في عدة محافظات عن الخدمة وتوقف عمليات الشحن والنقل على عدّة محاور طرقية وارتفاع الأسعار، وهذه العوامل مجتمعة أثّرت مباشرة في القطاع الزراعي بشكل عام والشق الحيواني منه بشكل خاص الذي يتأثر مباشرة بأسعار المواد العلفية ويمكن حصر الصعوبات التي تواجه المواد العلفية بتوقف بعض مصادر الإنتاج عن العمل بسبب الظروف الراهنة ونتيجة صعوبة وصول المواد الأولية إلى المعامل وهناك صعوبة كبيرة في استجرار بعض المواد العلفية من مصادر الإنتاج بسبب صعوبة تأمين السيارات الشاحنة نتيجة فروق الأسعار وتفاوت أجور النقل عن القطاع الخاص وأيضاً صعوبة النقل من وإلى بقية المحافظات وتعذّر تأمين اليد العاملة بالعدد الكافي وفي الوقت المناسب، وهذا يلقي بظلاله على الثروة الحيوانية التي تشكل مصدراً أساسياً من مصادر تأمين الأمن الغذائي، وتشكل 35% من الدخل الزراعي ومصدر دخل وحيداً لشريحة واسعة من المواطنين، ومن هنا فإن هذه الأهمية المتكاملة اقتصادياً وغذائياً وإنتاجياً تقتضي تطوير هذا القطاع لأنه يساهم في رفع مستوى دخل الفرد وتقليل عدد العاطلين عن العمل وسد حاجة المواطن من البروتين الحيواني.