فسحة أمل
معن الغادري
في الحديث عن مفردات وسرديّات العام الحالي الذي يقترب من نهايته، وأمنيات العام القادم، يبقى الهم والاهتمام هو التقليل من حدة الأزمات الاقتصادية والمعيشية القاسية والضاغطة، ووقف موجات الغلاء اللحظية والتي قصمت ظهر المواطن.
والنظر إلى ما شهده العام الحالي من تموجات ومنحنيات مقلقة ومؤثرة، ثمة الكثير من الأسئلة وإشارات الاستفهام حول العديد من الملفات والقضايا العالقة والتي ما زالت متباعدة، وغالب الظن أنها مختلفة في الرؤى والطروحات وفي طبيعة المعالجة والتعاطي الجاد والمسؤول مع مجمل القضايا والأزمات المعيشية والخدمية والاقتصادية الأكثر إلحاحاً.
وبعيداً عن فحوى الاجتماعات العادية والنوعية والوعود التي دأب المعنيون تردادها على مسامعنا يومياً، نجد أن الإشكاليات والأزمات ما زالت حاضرة بقوة في حياتنا اليومية، وهي ككرة الثلج تتدحرج ويزداد حجمها مع قدوم العام الجديد، وهي نتيجة طبيعية لحالة الركود والثبات والقصور في الرؤى والخطط والبرامج التنفيذية التي ضاعفت من المشكلات والأزمات، وتركت القليل من الخيارات للخروج من عنق الزجاجة.
وقد نجد أمام هذه المعضلة والمشكلات والأزمات المرّحلة قسرياً إلى العام الجديد ضرورة إحداث تغيير حقيقي في عقلية الإدارة ووضع سياسيات جديدة مواكبة للمرحلة التي فرضتها ظروف الحرب الإرهابية، والحصار الاقتصادي الجائر، وذلك بالاعتماد على الكفاءات وتفعيل آليات الضبط والمراقبة على مستوى الجهاز التنفيذي والرقابي والتشريعي، ومحاربة كل أشكال الفساد واتباع سياسات جديدة لا تقبل التباطؤ والتحايل على إنفاذ الموجبات والقرارات الضامنة للخروج من الأزمة الاقتصادية، ولعل الأهم من كل ذلك أن تكون هناك رؤية واضحة وشفافة وجريئة لمحاربة كل أشكال الفساد، وهو الضامن الوحيد لإنجاح أي برنامج آو خطط راهنة أو مستقبلية.
ونرى أن الفرصة متاحة أكثر من أي وقت مضى، فيما لو وقفنا ملياً عند مخرجات دورة اجتماعات اللجنة المركزية للحزب، وكلمة الرفيق الأمين العام للحزب الدكتور بشار الأسد التوجيهية، والتي جاءت شاملة بمعانيها ومضامينها ودلالاتها، وهي بكل تأكيد كفيلة بأن تؤسس لبيئة أكثر نضجاً على مستويات التخطيط والتنفيذ والمعالجة وزيادة الانتاج والنمو. وهو ما يبعث الأمل مجدداً ونحن نستقبل العام الجديد بإرادة صادقة مع الذات أولاً ومع متطلبات النهوض والتجديد والتحديث ثانياً، كخيار لابديل عنه للعبور بأمان وتجاوز كل الصعوبات، ما يضع الجميع دون استثناء أمام مسؤولية وطنية بامتياز، تستدعي استنفار كل الجهود والطاقات في خدمة بناء الوطن وتحصينه.
لا شك أن التقدم خطوة للأمام يبقى مرهوناً بمؤسسية العمل والشفافية، وتعميق مبدأ العمل التشاركي وخلق حالة من التكافؤ في الفرص، والاعتماد على قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب انتخاباً أم تعييناً لافرق، ما دام مستوفياً لشروط المصلحة الوطنية، وهو ما نأمل أن يتحقق في العام الجديد، وبالتالي إذابة كل ألواح الجليد التي تعيق دوران عجلة التطور والنهوض والإنتاج والإنجاز.