المرحلة القادمة تتطلب وعياً بعثياً لاختيار الرفيق المؤهل والأنسب وإزاحة العلاقات الشخصية
دمشق – بشير فرزان
رغم التحديات الجسيمة والأعباء الكبيرة التي فرضها الحصار على الواقع السوري إلا أن أرادة الحياة لا تزال نابضة بالإرادة والتصميم على تجاوز هذه المرحلة الصعبة وإكمال مسيرة الانتصار وصنع المستقبل السوري حسب المصلحة الوطنية التي تجمع بين الحياة العامة بكل تفاصيلها والحياة الحزبية بجميع مستجداتها، التي تمثل مرحلة جديدة في حياة حزب البعث العربي الاشتراكي الذي شهد حدثاً هاماً في حياته التنظيمية تجسد بانعقاد اجتماع اللجنة المركزي التنظيمي في 16 – 12 – 2023 والذي ترأسه الرفيق الأمين للحزب الرفيق الدكتور بشار الأسد لمناقشة التحضير لإجراء الانتخابات الخاصة لاختيار ممثلي الحزب إلى اجتماع اللجنة المركزية الموسّع القادم.
العديد من الرفاق البعثيين في مواقع قيادية مختلفة على مستوى المؤسسة الحزبية أكدوا أن المرحلة القادمة وفق الرؤية التي وضعها الرفيق الأمين العام تمثل تصحيحاً مهماً وضرورياً لمسار العمل والحياة الحزبية، بما يعزز علاقة الحزب بالمجتمع، ويجدد الحراك البعثي من خلال رفده بالكوادر الشبابية الفاعلة والقادرة على إحداث تغيير حقيقي وسليم في بنية الحزب، وخاصة لجهة معالجة الأخطاء وتجاوز تداعياتها على مسيرة الحزب ودوره في المرحلة المقبلة.
الرفيق عاصم الصوص، عضو قيادة شعبة الغوطة الغربية، في فرع ريف دمشق، أكد أن الجهاز الحزبي تابع باهتمام كبير وبشغف اجتماع اللجنة المركزية للحزب وتطلع إلى نتائجها من باب التفاؤل خاصة أنه يعلق آمالاً كبيرة عليها وذلك نظراً للحالة التي وصل إليها الواقع الحزبي نتيجة عدة ظروف منها ما هو داخلي يتمثل ببعض الوقائع المرتبطة بتجارب انتخابية ساد فيها المحسوبية والاستثنائية في تطبيق القرارات بما خلق حالة من التشنج وابتعاد الرفاق عن الحزب، وهذا ما أشار اليه الرفيق الأمين العام للحزب في كلمته أمام اللجنة المركزية “نظراً للمحسوبيات والاستثنائية في تطبيق القرارات”.
وأشار الصوص إلى أن المرحلة القادمة في حياة الحزب تتطلب وعياً بعثياً لاختيار الرفيق المؤهل والأنسب لهذه المهمة بحيث يكون جهازنا الحزبي قادر على إزاحة العلاقات الشخصية والمحسوبيات من السجلات الانتخابية، ولذلك نجاح الانتخابات وتحقيق أهدافها مرهون بوعي وثقافة الرفاق وقدرتهم على استشراف خطورة المرحلة المقبلة لافتاً إلى الحاجة الماسة للتغيير في القيادات وآلية عملها وذهنيتها.
بالمحصلة وضع الحوار داخل اجتماع اللجنة المركزية حجر الأساس لبداية أو لنسميها تصحيح جديد للحالة التنظيمية الحزبية التي كانت وما زالت موضع اهتمام ونقاش واختلاف بين الرفاق البعثيين سواء في القواعد أو في القيادات، خاصة لجهة الواقع التنظيمي الذي تعرض للازمات في سنوات ما قبل الحرب أو خلالها. والسؤال الأهم هنا: هل الأزمة التنظيمية كانت أزمة أشخاص أم أزمة هيكلية ونظام داخلي ناظم للعلاقات البعثية وللعمل المؤسساتي الحزبي؟
وقد تنحو إجابات البعض إلى الشخصنة التنظيمية وذلك تحت عنوان أن بعض الرفاق في القيادات قد تضخموا أو كبروا على الحزب ونظامه الداخلي، وهذا ما أحدث الأَزمة القيادية التي كانت سبباً في النزوع نحو الاستئثار بسلطة الحزب واستثمارها لتحقيق المصالح الضيقة البعيدة عن أدبيات الحزب ونهجه التقدمي.
ولاشك أن العلاقة بين إيديولوجية الحزب والجانب التنظيمي الحزبي الداخلي كانت واضحة فالمنظمات السياسية، كحزب البعث العربي الاشتراكي، من المفروض أن تمتلك نظرية تنظيمية لتحقيق إيدولوجيتها في الواقع والممارسة، وهذه ناحية مهمة، وفي الدرجة الأولى بالنسبة إلى العلاقات التنظيمية وعلاقات الحزبيين بالقيادات التي – وللأسف – كوَّنت في الحزب نوعاً من الشِّلَلِيَّة، إذا صح التعبير، وهذه الظاهرة هي السبب للأَزْمة التنظيمية التي يعيشها الحزب.