عام على الربط الإلكتروني.. مرونة تطبيق لبعض القطاعات مقابل حيرة واعتراضات قطاعات أخرى!”للتدقيق”
دمشق – ريم ربيع
ينقضي مع نهاية 2023 ما يقارب العام على بدء تطبيق آلية الربط الإلكتروني، التي أطلقتها هيئة الضرائب والرسوم ملزمةً كافة الفعاليات التجارية والصناعية والسياحية والطبية وغيرها بربط الفواتير المصدرة مع قاعد بيانات الإدارة الضريبية عبر البرامج المعتمدة، للوصول – بحسب الهيئة – إلى تحقيق أحد أشكال العدالة الضريبية ضمن مشروع متكامل يعمل بعدة اتجاهات، غير أن تجربة العام الأول لا تزال ضبابية لبعض القطاعات مقابل مرونة واضحة أبدتها قطاعات أخرى، ففي حين عكس القطاع السياحي تجاوباً سريعاً بالحد الأدنى من الثغرات – إن وجدت – وجدنا أن قطاعات الصناعة والتجارة وبعض المهن والحرف لا تزال تائهة أمام مشروع لم يراعِ سلسلة الثغرات التي تتطلب المعالجة قبل إطلاقه.
من حيث المبدأ، لم تعترض أية من القطاعات على فكرة المشروع، بل الظروف التي تمنع تطبيقه بدقه، حيث بيّن عضو غرفة تجارة دمشق ياسر اكريّم أن نظام الربط صحيح، لكن يجب أن يسبقه وعي إداري وضريبي وإلكتروني، وخطوات سليمة بكل الاتجاهات. واليوم التزم بعض التجار – وليس كلهم – بتطبيق المشروع، رغم ذلك ليس واضحاً لهم كيفية الحساب بالنهاية، فالتاجر الذي ستحدد ضريبته من الفاتورة والتكاليف يجب، بالبداية، أن يعرف تكاليفه بدقه، وأن تستقر هذه التكاليف لمدة من الزمن، وهذا أمر غير محقق، لذلك يوجد جهل بالكثير من التفاصيل التي كان يفترض توضيحها قبل البدء بهذه الخطوة.
وأوضح اكريم أن صعوبة تحديد التكاليف بدقة تعود لعدة نقاط، أولها منصة تمويل المستوردات التي تزيد مدة تدوير السيولة، فإن كان دوران رأس المال يتم مرة أو مرتين فقط خلال العام، يصبح من حق المستورد أن يحدد ربحاً يزيد عن دول أخرى يدوّر فيها رأس المال عشرات المرات ويكتفون بربح 1%، والنقطة الأخرى هي ضرورة أن تكون الضرائب والجمارك والتأمينات واضحة 100%، ووجود عدالة ضريبية، وتعويض للمنتج فحين يتاح الاستيراد لأشخاص قلة يصبح هناك احتكار مقنع بينما نحتاج سلاسة بالتوريد والدفع، فضلاً عن العائق الأبرز المتمثل بتبدلات سعر الصرف، التي يصعب تنظيم نسب التكاليف والأرباح بوجودها.
ورأى اكريم أن من يبدأ بمشروع ربط إلكتروني للضرائب عليه أن يقبل كافة المصاريف، وهو أمر أكدته الإدارة الضريبية مراراً، لكن لم يلمس التجار نتائجه بعد، موضحاً أن الجميع مع التنظيم لكن ليس بهذه الصورة، فليست شطارة أن تربح دائرة الضرائب ويخسر التاجر، لأنه في العام اللاحق سيخسر الطرفين، لذلك يجب إيجاد توازن.
أما من الناحية التقنية، فكل شيء ميسر وفق اكريم، والإدارة الضريبية أتاحت جميع البرامج المحاسبية، لكن كيف ستنظم التقنيات الحسابات لأعمال هي بأساسها غير مستقرة أو متوازنة، مقترحاً أن تتاح مدة عام للربط بدون عواقب وحساب ريثما تتوضح الصورة.
بدورها، لم تختلف كثيراً مشكلات الصناعيين مع الآلية عن التجار، حيث بيّن عضو في غرفة صناعة دمشق أنه ومنذ اليوم الأول للمشروع طالب الصناعيون بقبول كافة التكاليف سواء النظامية والمعروفة منها، أو غير الموثقة، فالعدالة الضريبية التي يهدف المشروع لتحقيقها يجب ألا تكون على حساب الصناعي، متطرقاً أيضاً إلى تبدلات سعر الصرف وأثرها على الفواتير، بينما يواجه الصناعي مشكلة إضافية تتمثل بالمرتجعات من السلع والمنتجات، وكيفية احتسابها والإعفاء من ضرائبها، فمن غير الواضح للجميع آلية احتسابها، والندوات المعدودة التي أقامتها هيئة الضرائب لم تكن كافية للتوضيح للجميع، لذلك ورغم مضي العام الأول، لا يزال عدد ليس بقليل “حائر” بآلية التطبيق في ظل الظروف الحالية.
أما القطاع السياحي فقد بدا الأكثر مرونة في التطبيق، حيث أكد رئيس اتحاد غرف السياحة طلال خضير أن آلية العمل واضحة وبسيطة مع الضرائب، وتسدد المنشآت السياحية الضرائب بشكل شهري لذلك لم تلمس أية عقبات، إذ تم ربط جميع المنشآت مع الإدارة الضريبية وبتسهيلات مقدمة عبر اعتماد كل البرامج المحاسبية المتاحة، وهناك التزام وتنظيم للعمل بما يحقق ضمان لحق الدولة والمستثمر.
وأوضح خضير أنه كان يترتب على المنشأة السياحية 3.5% ضرائب دخل ورواتب وأجور، لتعفى فيما بعد عبر مرسوم لدعم القطاع من 0.5% من ضريبة الدخل و0.5 رواتب وأجور، فأصبحت المنشأة تدفع ضريبة دخل مقطوع 2.5%، وهو دعم للقطاع وتخفيف أعباء ضريبية.
أما هيئة الضرائب والرسوم التي رأت أنه من المبكر تقييم التجربة حالياً، أوضحت أن نسب الالتزام جيدة –دون تمييز بين القطاعات- وأن المشروع مستمر ليشمل قطاعات أخرى، فيما سيبدأ الربط الإلزامي للمشتريات أيضاً خلال فترة قريبة.