“زمن الأقحوان”.. قصص أطفال شهداء ترويها نور كوركو
حلب- غالية خوجة
أن تذهب وجدانيات كاتبة شابة إلى تأملات حكائية واقعية خاصة بالأطفال الشهداء، فهذا يعني أن القصص ما تزال تحلم بتحقيق أحلام هؤلاء الشهداء، وتكتب حياتهم التي كانت، وآلامهم التي نزفوها أثناء الشهادة، وآثار هذه الأحداث الدرامية على ذويهم وأهاليهم والمجتمع والنصر القادم.
حول هذه الثيمة الموضوعية تمحورت قصص “زمن الأقحوان” للكاتبة الشابة نور كوركو التي قالت لـ”البعث”: “سبق وأصدرت “عندما تزدحم دروب السماء”، ونلت جائزة وليد إخلاصي في اتحاد الكتّاب العرب فرع حلب، والهدف مواصلة سلسلة قصصية عن الأطفال الذين لم يتناول معاناتهم الكثير من الكتّاب، وأكتب بواقعية توثيقية لحفظ التاريخ والوطن والأرض بعيداً عن كتابة أعدائنا لهذا التأريخ”.
بدأت احتفالية التوقيع في مدرسة الصناعة الخامسة بحلب- الصالحين، وقدّم كل من المشرف الأدبي في “مؤسسة صباء” الناقد والإعلامي عمر جمعة وأمين سر فرع دمشق لاتحاد الكتّاب العرب الروائي والقاص أيمن الحسن، شهادتيهما عن الكتاب بموضوعية لخّصا فيهما أهم العوامل الفنية، ومنها اختيار الكاتبة الشابة لهذه الفئة من الأبطال الأطفال، وهذا النموذج من السردية المتجهة نحو الواقعة والأثر والمأساة والندب الروحية، بالإضافة إلى اعتمادها على فنية الحكاية داخل الحكاية، وأيضاً قدرتها على تصوير أحاسيس هؤلاء الأطفال وبراءتهم وتفاعل أهاليهم المؤلم مع الفقد الأبدي، بدلالة استرجاعية وحاضرة ومستقبلية، واهتمامها بالصور التعبيرية المهمّة عن الطفولة المقتولة، العاكسة لإجرام الأعداء الذي لا يوصف بحقهم وحق الناس والوطن، وتمثيلاً، ما تقوله في الصفحة 90: “نزلت خالتي من السيارة مسرعة لترى محمداً لكنه تتبّعها بثياب العيد مذبوحاً”، وما ورد في مكان آخر: “الصاروخ وسط شجرة الزيتون التي كنت سأصل من خلالها إلى الشمس”.
وتمنّى الناقدان لو ابتعدت الكاتبة عن تفاصيل التفاصيل التي أتت أقرب إلى الحشو منها إلى التوظيف المناسب في القصص من أجل تجاوز أي ضعف فني، ومن ناحية ثانية، أكّدا ضرورة الفصل بين منطوق الشخصيات والمؤلف.
وفي تصريح خاص لـ”البعث، قال جمعة: “نتابع الكتب من المحافظات السورية كلها، كنا في حمص، وسنكون بعد حلب في اللاذقية، وتتسم هذه الكتب بالطابع التوثيقي المكتوب ضمن القصة أو الرواية، على أمل أن تحظى جميع الإصدارات بقراءات وشهادات مناسبة، ونحن نرفد اتحاد الكتّاب العرب في مؤسسة صباء، ونتعاون بشكل متشابك، والدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب متعاون جداً”.
بدوره، قال الحسن لـ”البعث”: “في سورية تنبع المواهب، وهي بحاجة إلى عملية الصقل التي تقوم بها مجموعة من الزميلات اللواتي يتولين تلقي الأعمال الأدبية ومناقشة أصحابها حول أفكارها وفنياتها المناسبة لمجتمعنا بطبيعته المتنوعة، وتسمّى “إصدارات المقاومة”، ومجموعة “زمن الأقحوان” المؤلفة من 3 قصص تتمتع بخصوصية التركيز على الأطفال الشهداء تحديداً، بطريقة من التفصيلات المسهبة حول هؤلاء الأطفال الذين شبهتهم بالأقحوان مع لوحة غلاف جميلة ومناسبة، متناولة رغبتهم في الحياة والأحلام التي لم يعيشوها، لكن الكاتبة حاولت الإضاءة على استمرارها في الحياة”.
ورأت الكاتبة الشابة آية ضاشو رئيسة القسم الأدبي في “مؤسسة صباء” أن هذه المجموعة تعبّر عن الآلام الدفينة للشهداء، ولاسيما الأطفال، وهي الإصدار التاسع عشر في سلسلة إصدارات المقاومة، وما تعنيه من دلالات للتشبث بالوطن ومواصلة نور شهدائه والتضحيات الواقعية الموثقة من خلال السرد، وأخبرتنا بأنها ساهمت في كتب مشتركة عدّة، وستصدر كتاباً في وقت قريب، مؤكدة أن الهدف هو التشجيع على الإبداع واكتشاف المواهب والتوثيق لأزمنة الحرب بواقعيتها المعاشة النابضة بالدرامية التوثيقية المتفائلة بإنجاز القادم وتحرير كل شبر من الأراضي العربية.