مساهمة “الخاص” بالصناعات الغذائية تعدت 70% مقابل تواضع بالاستثمار الزراعي
دمشق – ريم ربيع
لا تزال مساهمة رأس المال الخاص في الاستثمار بالقطاع الزراعي متواضعة جداً مقابل شهيتهم المفتوحة للقطاع السياحي والتجاري، حيث يتردد الكثيرون عن “المغامرة” حسب توصيفهم بقطاع ذي مخاطر عالية ونتائج غير مضمونة في ظل التغيرات المناخية والجفاف، وارتفاع سعر مستلزمات الإنتاج –إن وجدت-، وفي حين تجاوزت نسبة مساهمة القطاع الخاص في الصناعات الغذائية 70%، تبقى مساهمتهم بالحد الأدنى في سلسلة الإنتاج وتأمين مستلزماته، وحتى في التسويق، إذ تبقى الصورة مقتصرة على بضعة تجار بأسواق الهال يتعاقدون “شفهياً” مع بضعة مزارعين لشراء مواسمهم من بعض المنتجات بعد أن يقدموا لهم التمويل اللازم، فيما تكرر معاناة الغالبية العظمى من المزارعين مع كل موسم زراعي بغياب التسويق العام والخاص، وعجزهم عن تعويض خسائرهم أو حتى تأمين تكاليف الموسم المقبل.
بدورها تشكل أيضاً الحيازات الصغيرة للأراضي في القطاع الزراعي عائقاً أساسياً للاستثمار، وفقاً لرئيس اتحاد غرف التجارة أبو الهدى اللحام، الذي أشار في تصريح لـ”البعث” إلى أن العديد من الطلبات وردت لاستثمار أراضي ومزارع وتسريقها بالداخل أو حتى للتصدير، لكن بعد زيارة المزارع تبين أنها بمساحات صغيرة لا تكفي الاحتياج المطلوب، معتبراً أن القطاع الزراعي مقسم فالحيازات الصغيرة لا تعطي ربح كبير رغم أن النفقات ذاتها.
ورأى اللحام أن الزراعة “متروكة” وتحتاج تأهيل واستقطاب المزارعين والمنتجين عبر إدارة جيدة ودخل ملائم لهم، فبعد أن كنا نصدر لكل العالم، تراجعنا اليوم بفعل العقبات والمعوقات الاقتصادية، لنلاحظ اليوم أن هناك دول استفادت من أخطائنا ومشاكل النقل والشحن البحري التي نواجهها، فباتت تستورد الزراعات الخام لتعاود تصديرها بمنشأ آخر، مؤكداً ضرورة تقديم كل الدعم والمعونات والخبرات للزراعة التي تعد الإنتاج الرئيسي محلياً، وذلك على التوازي مع دراسة الأسواق الأخرى واحتياجاتها ليكون التحضير للتصدير والتسويق قبل بدء المواسم.
حتى الإنتاج الصناعي –برأي اللحام- يحتاج إعادة نظر، فالصناعي يتعرض لصعوبات ومنع استيراد وقرارات أخرى تعرقل الإنتاج والتصدير، ليحل التهريب محل هذا الخلل، مبيناً أنه كلما سهلنا العمل الاقتصادي والتجاري، وبدأنا التنافس مع الدول المجاورة بإمكاننا استرجاع حصة واسعة فيها، لكن يجب أن نكون قادرين أولاً لجهة التكاليف وحرية الاستيراد والتصدير، ويجب تعريض المنتَج السوري للمنافسة القادمة من الخارج، حتى يتمكن بدوره من المنافسة عند التصدير.
وأضاف اللحام: ندرك صعوبات تأمين القطع للاستيراد، لكن تحرير الاقتصاد كفيل بالتغلب على الكثير من مشاكله عبر تحرير التجارة الخارجية من القيود، وتسهيل إقامة الشركات وإرساء المنافسة، وتوفير الحماية ضد الممارسات الضارة بالاقتصاد، مضيفاً أن الدول الأخرى فيها حرية مصارف وبيع ونقل وتحويل، بينما نحن عالقون بقضايا القطع، وبات من الأنسب أن يلغى تجريم التعامل بالقطع الأجنبي لتسهيل العمل وعودة المغتربين والمستثمرين، فقوانين الاستثمار الموجودة هامة وجيدة لكن تحتاج مرونة وحرية.
ونوه اللحام إلى ضرورة إيجاد مخابر معتمدة لفحص جودة المنتجات المصدرة، فالبضائع السورية فقط تتأخر دائماً بالتخليص في دول أخرى لغياب الجودة، مما يتسبب بتلفها ببعض الأحيان وخسائر بالملايين للمنتج والمصدر.