مجموعة ” إبرة وخيط” تبحث عن أماكن تراثية
ملده شويكاني
لم تكن حارات الشام التي تجول فيها نزار قباني.. “أتجول في حارات دمشق الضيقة/ تستيقظ العيون العسلية، خلف الشبابيك وتسلم علي…” بريشة وألوان التشكيليين، وإنما بحياكة لوحات سيدات مجموعة إبرة وخيط، منهن لوحة ليلى طبانة التي جسدت إحدى حارات دمشق القديمة، وكتبت” شآم أنت المجد لم يغب” وقد شغلت مكانها ولفتت انتباه الزائرين في معرض مجموعة ” إبرة وخيط السنوي ” حرفي هويتي”، الذي أقيم مؤخراً في متحف الخطّ العربي في المدرسة الجقمقية احتفاء بالخطّ العربي مع مجموعة من الفنانين التشكيليين، إذ طوّعت سيدات مجموعة إبرة وخيط الحرف العربي بحياكتهن الحروفية على القماش التراثي، ومن خلال فنّ التدوير.
فحفل المعرض بأفكار جميلة نفذت بتقنية الكولاج والدمج بين الأقمشة لتصنيع لوحات قماشية عن حارات دمشق القديمة وعشقها، إضافة إلى الحروفيات بتركيب مفردات بعشقها، مع رسومات بسيطة للحروفيات حيكت بالإبرة والخيط مزدانة بمنمنمات وزخارف، وفي جانب آخر أفردت مساحة للدمى اليدوية بأزياء شعبية إضافة إلى مستلزمات المنزل والمطبخ.
وبدت طريقة العرض رائعة ومتناغمة مع الطراز المعماري لجدران المدرسة الجقمقية التاريخية التي بُنيت عام 762م بتقنية الأبلق التابعة إلى العمارة الدمشقية، بجماليات مساحات التقسيمات الداخلية و النوافذ.
– الحروفيات على الأقمشة
فتوقفت “البعث” مع الفنانة التشكيلية رزان كيلاني وهي من مؤسسات مجموعة إبرة وخيط، وشاركت بأعمال عدة، منها لوحتها القماشية المبنية على مستطيلات دوّنت عليها بالحروف القماشية” دمشقية” فأوضحت بأن المجموعة ارتأت اختيار مكان مناسب للمحور الأساسي للمعرض بإدخال الحروفيات على الأقمشة، فكان متحف الخطّ العربي المكان الذي يعبق بالتاريخ من أهم عناصر نجاح المعرض، الذي حفل بأربعين عملاً تقريباً بمشاركة عشرين سيدة، بتنوع كبير، وكان تحدياً كبيراً لمجموعتنا بالشغل بالخط العربي احتفاء باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من شهر كانون الأول، ورغم أن الحرف العربي مطوّاع وانسيابي إلا أن مراحل إنجازه على الأقمشة كانت صعبة جداً ودقيقة.
أما عن مشاركتها فتحدثت عن لوحتها المميزة التي رسمت فيها بالقماش المرأة السورية مزينة بأحرف اللغة العربية، ضمن أعمالها الخمسة المشاركة.
- توظيف خامة الخيش
كما تحدثت عن الجديد بالمعرض باستخدام خامة الخيش من خلال فن التدوير لأكياس الخيش للأرز الموجودة في المنزل، ورغم صعوبة التعامل مع هذه الخامة إلا أن السيدات استطعن إنجاز لوحات جميلة، وهذا كان تحدياً يمكنهن من العمل مع أية خامة مهما كانت صعبة.
- الأقمشة الدمشقية التراثية
ونوّهت إلى أن المعرض لاقى صدى إيجابياً من الزائرين: ففي معرضنا السنوي في هذا العام أثبتنا أن مجموعة إبرة وخيط متمسكة بتراثها بحرفة إعادة تدوير الأقمشة، وبالحرف العربي الذي يعبّر عن هويتها ولغتها ومن هذا المنطلق اخترنا عنوان معرضنا” حرفي هويتي”. ونشكر وزارة الثقافة ومديرية الآثار والمتاحف التي أتاحت لنا فرصة العرض بهذا المكان التراثي القديم، وقد زاد من جمالية أعمالنا التي انسجمت مع أصالته وتاريخه لاسيما أننا نشتغل بالأقمشة الدمشقية التراثية مثل الصايا والبروكار والأغباني، وبعد نجاح المعرض قررت مجموعة إبرة والخيط ضمن خطتها البحث عن أماكن تراثية لمعارضنا، حتى نسلط الضوء عليها، وحتى تظهر جمالية أعمالنا وتفاصيلها في الأمكنة الأثرية.