أسعار اللحوم تحلق عالياً.. واستغلال واضح لأعياد الميلاد ورأس السنة!
دمشق – رحاب رجب
لا شك أن جميع المواد في السوق السورية ركبت موجة الغلاء، سواء أكانت منتجة محلياً مئة في المئة، أم دخلت في سلسلة إنتاجها مواد مستوردة.
والحقيقة أن جميع أسعار المواد دون استثناء يدخل سعر الصرف بقوة في تحديد سعرها، حيث إن المراقب لارتفاع أسعار المواد يجد أنه يتناسب طرداً مع ارتفاع أسعار الصرف، دون النظر إلى أن المنتج محليا بالكامل أم مستوردا، فالقاعدة الرائجة في التسعير هي سعر الصرف بالدرجة الأولى.
ورغم أن كثيراً من المواد تضخمت أسعارها لاعتبارات أخرى غير متعلقة بسعر الصرف، إلا أن تضخم السعر كان مبرراً أحيانا، أما فيما يتعلق بإنتاج اللحوم، سواء البيضاء أم الحمراء، فإن الأمر فيه نظر، إذ أن المادة العلفية بالدرجة الأولى إنتاج محلي، ولا ينبغي أن ترتبط هي الأخرى بأسعار الصرف.
وربما كان ارتفاع أسعار الفروج مبرراً بالنظر إلى خروج عدد كبير من المربين من الإنتاج، وخاصة أصحاب رؤوس الأموال الضعيفة، على حساب بقاء الأقوياء في السوق الذين استطاعوا التحكم بالمشهد مع ضعف الإنتاج وفرضوا أسعارهم.
أما ارتفاع أسعار اللحوم بشكل جنوني فهو غير مبرر على الإطلاق بالنظر إلى أن المنتجين، هنا، أغلبهم لا يزالون يمارسون المهنة بشكل تقليدي، أي التربية من خلال منازلهم في الريف أو البادية مع توفر المادة العلفية، المعتمدة أصلاً على الإنتاج الزراعي والمراعي، وبالتالي فإن قسماً كبيراً منهم لن يعاني من ارتفاع أسعار الأعلاف.
ولكن، يبدو أن ضعف القدرة الشرائية، لدى الكثير من المواطنين، أدى إلى حالة كساد واضحة أكدها كثير من أصحاب المطاعم، الأمر الذي دفع التجار إلى تقليل المعروض في الأسواق بانتظار حلول الأعياد التي يزداد فيها الطلب على اللحوم، وبالتالي جني أرباح كبيرة من هذا الأمر يعوضون بها فترة الكساد السابقة، وخاصة أن فصل الشتاء مناسب جداً لتخزين اللحوم نظرا لانخفاض الحرارة.
وعلى هذا النحو، كانت الارتفاعات الكبيرة والتصاعدية مع حلول موسم عيد الميلاد ورأس السنة، حيث حلقت أسعار اللحوم البيضاء والحمراء مخالفة جميع قوانين الاقتصاد، بل تجاوزت بشكل واضح أسعار مثيلاتها في دول الجوار رغم أنها تعد من الدول المستوردة للحوم.
حول هذه الظاهرة، أكد رئيس لجنة مربي الدواجن في اتحاد غرف الزراعة السورية، نزار سعد الدين، أن ارتفاع الأسعار في قطاع الدواجن يعود إلى عدة أسباب، منها استمرار ارتفاع سعر الصرف منذ بداية العام حتى الآن، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأعلاف التي تدخل في عملية الانتاج بنسبة ٩٢ %. واعتبر سعد الدين أن السبب الآخر مرتبط بالسوق الذي يخضع لقانون العرض والطلب، وبالتالي فإن زيادة الطلب وخاصة لدى المطاعم ومحلات الشاورما خلال فترة الأعياد بعد الصوم الطويل أدت إلى ارتفاع الأسعار.
وأشار سعد الدين إلى أن قطاع الدواجن سيتعافى والأسعار ستنخفض خلال شهرين من الآن عندما تبدأ عملية الإنتاج في المداجن غير المرخصة التي سمح لها بالتربية، حيث سيتم تزويدها بالمازوت والأعلاف بالسعر المدعوم وفق الإمكانات.
وأضاف سعد الدين: إن تكلفة كيلوغرام الفروج الواحد من المدجنة ٣٦١٠٠ ليرة، بينما تسعيرته لدى حماية المستهلك بـ ٣٨ ألفاً لضمان توفر المادة في الأسواق، مضيفاً بإن العملية الإنتاجية تتم في ظروف قاسية وصعبة في ظل عدم توفر المحروقات وغلاء الأدوية وارتفاع تكاليف اليد العاملة وغيرها، والأسعار في سورية تبقى هي الأرخص مقارنة بدول الجوار، مشيراً إلى أن اتحاد غرف الزراعة يعمل على مشروع لكسر الحلقات الوسيطة بين المربي والمستهلك في عمليات بيع الفروج والبيض ما يساعد في تخفيض الأسعار أيضاً.
أما عن اللحوم الحمراء، فقد أكد سعد الدين أنها لم تنج هي الأخرى من حلقات الغلاء المتتالية منذ بداية العام، حيث ارتفع سعر كيلوغرام هبرة الخروف من ٦٥ ألف ليرة إلى 200 ألف ليرة، وكيلوغرام الغنم المسوف من ٤٥ ألف ليرة إلى ١٥٠ ألف ليرة وشرحات لحم الغنم ارتفعت من ٧٥ ألف ليرة مع بداية العام إلى ٢٠٠ ألف ليرة (ولم يحدد طبعا الفترة الزمنية التي تضخمت فيها الأسعار على هذا النحو).
وقد واكبت لحمة العجل ارتفاع الأسعار، وارتفع سعر كيلوغرام هبرة العجل من ٤٢ ألف ليرة إلى ١٤٥ ألف ليرة والعجل المسوف من ٤٠ ألف ليرة إلى ١٠٠ ألف ليرة.
ورفض سعد الدين تبرير سبب ارتفاع سعر اللحوم الحمراء بأنه عائد إلى قرار السماح بالتصدير لأنه غير دقيق، مؤكداً أنه حتى اليوم لم يصدر رأس واحد من الاغنام، مشيراً إلى أن زيادة الطلب حالياً أدت إلى ارتفاع الأسعار، وأضاف: إن اللحوم السورية معروفة بجودتها عالمياً، ورغم الغلاء الفاحش وحاجة السوق إليها فإن فكرة الاستيراد غير مطروحة لأنها تعد بمنزلة تخريب للأمن الغذائي في سورية من جميع النواحي.