دراساتصحيفة البعث

“بريكس”.. ما هي التحديات التي ستواجهه في 2024

هيفاء علي   

كان التوسع، والمناقشات حول إمكانية إنشاء عملة مشتركة، ووصول ديلما روسيف على رأس بنك البريكس، هذا العام غنيا بالأحداث بالنسبة لمجموعة البريكس.
ويلقي الخبراء نظرة على هذه اللحظات المهمة وينظرون إلى التحديات التي يتعين مواجهتها في عام 2024، حيث تجاوزت طلبات العضوية في المجموعة عشرين دولة في عام 2023. هذا الاهتمام القوي من دول الجنوب يتوج العام الذي يوشك على الانتهاء، حسب تقديرات ماركو فرنانديز، أستاذ التاريخ والباحث في معهد القارات الثلاث، الذي يوضح أنه لم تكن هناك حركة عالمية على الإطلاق مثل تلك الموجودة حاليا حول مجموعة البريكس، والواقع أن قائمة البلدان التي تسعى إلى الانضمام إلى المجموعة شملت أيضاً اليونان، التي لا تشكل في واقع الأمر جزءاً من الجنوب العالمي. وقد طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المشاركة في الاجتماع الأخير لمجموعة البريكس. وأشار فرنانديز إلى التوسع التاريخي للمجموعة باعتباره ثاني أهم حدث هذا العام، وللتذكير، خلال قمة جوهانسبرج في آب الماضي، تمت دعوة ستة دول للانضمام إلى أسرة البريكس.
واعتبارا من الأول من كانون الثاني، سترحب مجموعة البريكس، التي تتكون من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، بالسعودية ومصر والإمارات وإثيوبيا وإيران. وبحسب الخبراء، فإن الأعضاء الجدد سيجلبون العديد من الفوائد للمجموعة، وأعطوا إثيوبيا كمثال، الدولة التي تقع في منطقة استراتيجية والقادرة على لعب دور رابط بين أفريقيا والشرق الأوسط، ونظرا لأن البلاد سجلت معدل نمو أعلى من متوسط ​​الاقتصادات الناشئة في السنوات الأخيرة، فإن الجانب الاقتصادي لهذه العضوية يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أيضا. كما أن إثيوبيا هي ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 120 مليون نسمة، وهؤلاء السكان يتكونون بشكل رئيسي من الشباب، ما يعني أن البلاد لديها آفاق نمو جيدة في المستقبل، ولا سيما من حيث العائد الديموغرافي. ويعد انضمام إيران، في ظل العقوبات الغربية وسعيها إلى تنويع اتصالاتها وتحالفاتها الدولية، حدثا رئيسيا آخر. فقد حاولت إيران في السنوات الأخيرة التقرب من الصين، التي تعد اليوم أكبر شريك تجاري لها، حيث يبلغ مجموع صادراتها أكثر من نصف صادراتها وثلث وارداتها، بالإضافة إلى دول أخرى مثل الهند وروسيا.

كما أن مساهمة دولة الإمارات العربية المتحدة ستكون على وجه التحديد مساهمة دولة قادرة على ضخ السيولة إلى البنك، ولكن أيضا على لعب دور أكثر أهمية في النظام المالي الدولي.
وكان من المفترض أيضا أن تنضم الأرجنتين إلى المجموعة اعتبارا من الأول من كانون الثاني، لكن الرئيس الجديد خافيير ميلي أبدى بعض التحفظات بشأن القرار، وقال ماركو فرنانديز: إنه يأسف لهذا التحول مشيراً إلى أن البرازيل دعمت دخول جارتها إلى المجموعة منذ البداية وبذلت كل ما في وسعها لتحقيق ذلك. و “إذا لم تنضم الأرجنتين، فلن يكون هناك بديل فوري للأرجنتين وسيكون ذلك أمرا سيئا للغاية، لأن أمريكا اللاتينية ستفقد المكانة التي اكتسبتها من خلال العمل الدبلوماسي الكبير”.
أما بالنسبة لبنك البريكس فقد ترأست ديلما روسيف، رئيسة البرازيل السابقة، بنك التنمية الجديد، المعروف أيضا باسم بنك البريكس، وبحسب الخبراء، فإن تعيين روسيف في هذا المنصب يعطي وزنا لأمريكا الجنوبية والبرازيل والرئيس البرازيلي الحالي لويس إيناسيو لولا داسيلفا، مؤكدين أن المؤسسة المالية للمجموعة ستهدف إلى موازنة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكلاهما من نظام بريتون وودز ويمثلان مصالح دول الشمال. وسوف يتعين على بنك البريكس أن يوجه المناقشات العامة حول القضايا الاستراتيجية الرئيسية في العالم، تماما كما يفعل البنك الدولي.

ومن بين جميع الإجراءات التي أطلقها الزعيم الجديد، يرحب الخبراء بشكل خاص باستئناف تعبئة رأس المال.
قبل وصول ديلما، لم يكن البنك قد جمع الأموال لأكثر من عام، وإذا لم يكن لدى البنك تمويل جيد، فليس هناك الكثير الذي يمكنه القيام به. وبالتالي، ستكون قادرة على ضمان أفضل تمويل لمشاريع البنية التحتية في الجنوب. وأشاروا إلى أن بنك البريكس جمع ما يعادل 6 مليارات دولار هذا العام، وأن هذا المبلغ قد يصل إلى 7.5 مليار دولار في الأيام المقبلة.

و”بالنظر إلى أن البنك قد جمع ما يعادل 33 ​​مليار دولار في ثماني سنوات، فهذا يعني في المتوسط ​​حوالي 4 مليارات دولار سنويا.
في السياق، أوضح فرنانديز بالإشارة إلى أنه إذا وصلت إلى 7.5 مليار دولار بحلول نهاية العام، فسيكون ذلك ضعف متوسط ​​مبلغ التمويل الذي قدم تقريبا.
وبالنسبة لأهداف 2024 فقد أشار فرنانديز إلى أن معظم الأموال التي يجتذبها البنك حاليا يتم التعبير عنها بالدولار، وبالنسبة له، سيكون التحدي الرئيسي في عام 2024 هو تعزيز المناقشات حول إلغاء الدولرة. ومن بين هذه الـ 33 مليار دولار، تم جمع ما يعادل 5 مليارات دولار فقط، أكثر أو أقل، باليوان، العملة الصينية، وكان الباقي بالدولار وجزء منه باليورو. لكن هذه مشكلة برأيه، لأن دول الجنوب، عندما تقترض بالدولار، تظل عرضة لتقلبات أسعار الصرف والسياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وللخروج من هذا الوضع لا بد من جمع الأموال بالعملات الوطنية. وأضاف ماركو فرنانديز: إن هدف بنك البريكس بحلول عام 2026 هو جمع ما يصل إلى 30% بالعملات المحلية، وبالنسبة له، سوف تركز مناقشة رئيسية أخرى داخل مجموعة البريكس في العام المقبل على العملة المشتركة، مشيرا إلى أنه سيكون بمثابة مرجع في الاحتياطيات بين أعضاء المجموعة، لكنه لن يتم تداوله.

وفي عام 2024، كان من المقرر أن تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة البريكس، ولكن طلب الرئيس لولا دا سيلفا من المجموعة إعفائه من هذه الوظيفة، لأنه في عام 2024 ستكون بلاده أيضا على رأس مجموعة العشرين. ولتجنب تراكم المسؤوليات المعقد للغاية، تقرر تقديم موعد دخول روسيا إلى رئاسة البريكس، وقد رحب ماركو فرنانديز بهذا القرار، لأنه يأتي في وقت تبحث فيه روسيا عن بديل للدولار. فضلاً عن ذلك، تحاول موسكو، بالتعاون مع بكين، بناء عالم متعدد الأقطاب، متحرر من إملاءات واشنطن ومنتبه لاحتياجات الجنوب العالمي. حيث قال فرنانديز: إنه لا يوجد شيء أفضل بالنسبة لبريكس، في هذا العام الذي يتسم بتعزيز التوسع والتقدم في المناقشات حول بدائل الدولار، من رؤية روسيا تتولى الرئاسة في ذلك الوقت”.

وتجدر الإشارة إلى أنه ستعقد قمة البريكس المقبلة في مدينة كازان الروسية.