الارتفاع المتتالي لأسعار الأسمدة يزيد تكاليف الإنتاج ويفاقم صعوبة تغطيتها
دمشق – محمد العمر
ارتفعت أسعار مادة الأسمدة العام الماضي 2023 أكثر من مرتين، والعام الذي قبله في 2022 كذلك الأمر، وبين الزيادة والأخرى فترة قصيرة بمدة أقل من شهر ونصف على زيادة أسعار جميع أصناف المادة، وبنسب وصلت إلى 250 في المئة، بالتزامن مع موسم زراعة محصول القمح الاستراتيجي، ليبلغ سعر مبيع طن سماد اليوريا 8.9 ملايين ليرة بدلاً من 8 ملايين ليرة، وطن سماد السوبر “فوسفات 46” بسعر 6 ملايين ليرة، حيث عمّم المصرف الزراعي على جميع المحافظات استئناف بيع أسمدة “سوبر فوسفات 46 في المئة” فقط للفلاحين ولمحصول القمح حصراً، وذلك من خلال الكميات المخزنة في المستودعات.
تعثر ..!
ربما كان تأخر المصارف الزراعية في توزيع الأسمدة على الفلاحين، في محصول القمح، سببه أن هناك أسعاراً جديدة وتكاليف مختلفة عن الأسعار الماضية، لكن هذا التأخير يوحي بنقص جيد في المستودعات بعد تعميم إدارة المصرف العامة بتوزيع نصف الاحتياج بعد إجراءات صعبة من الكشف الحسي على الأراضي الزراعية.
مدير أحد فروع المصارف الزراعية أكد لـ “البعث” أن إدارة المصرف الزراعي عمّمت على المحافظات تسليم نصف الاحتياج من الأسمدة الفوسفاتية وفق التنظيم الزراعي والترخيص، علماً أن حاجة الدونم الزراعي 22 كيلو سماد، ولكن حالياً يتمّ توزيع نصف الاحتياج المقدرة بـ11 كيلو من السماد الآزوتي، ليكون هناك دفعات أخرى بعد فترة معينة حسب الخطة المدروسة لموسم القمح، مبيناً أن هناك تعثراً في تأمين السماد بالشكل المطلوب، ولكن سيتمّ التوزيع حسب المتوفر بالمستودعات.
ولفت إلى أن إجراء رفع السعر مؤخراً، يأتي لضرورة تأمين مادة الأسمدة خلال فترات الزراعة، وخاصة محصول القمح الاستراتيجي، وحسب قوله، رغم ارتفاع الأسمدة عند الدولة، لا تزال أسعار الأسمدة مدعومة من قبل المصارف الزراعية، مقارنة مع السوق السوداء التي وصلت فيها أسعار طن اليوريا إلى أكثر من 11 مليون ليرة.
رئيسُ الشؤون الزراعية في الاتحاد العام الفلاحين محمد خليف أوضح أن تأمين مستلزمات الإنتاج أهم شيء للفلاح في استمرار زراعته، والدولة تحرص على تأمينها بشكل مدعوم ومختلف عن السوق السوداء، رغم ارتفاع السعر، وأن وزارة الزراعة بالتعاون مع كافة الجهات المعنية بالإضافة إلى القطاع الخاص تعمل على تأمين واستيراد كميات كافية من السماد، مؤكداً أن دعم المحاصيل الاستراتيجية لا زال مستمراً من قبل الحكومة، لكن قلة الأسمدة ستؤثر، حسب قوله، على عملية الإنتاج الزراعي، كون محصول القمح هو المحصول الوحيد الذي تمّ تخصيص الأسمدة له من قبل الجهات المعنية.
واعتبر الخبير الاقتصادي محمد القاسمي أن القرار الجديد في رفع الأسعار للسماد، مردّه ارتفاع التكاليف المدخلة في إنتاج المادة في معمل الأسمدة، بما يتناسب مع استجرار الكميات المتاحة من المعمل والمقدّرة بنحو 10 آلاف طن من “اليوريا” ونحو 2000 طن من سماد “السوبر فوسفات”، ناهيك عن ارتفاع استيراد السماد، تزامناً مع زيادة بسعر الصرف، مشيراً إلى نتائج سلبية ستكون مستقبلاً، إذا بقيت الأسعار مرتفعة، وخاصة على الفلاح، وتأثيرها بارتفاع أسعار الخضراوات والقمح على المواطن لاحقاً، مؤكداً ضرورة النهوض بالواقع الزراعي، ودعمه بالمستلزمات الزراعية وعدم رفعها على المزارع، لأن ارتفاع التكاليف إلى مستويات عالية سيخلق انهياراً زراعياً فيما بعد، وابتعاد الكثير عن الزراعة.