محكومون بالأمل والتفاؤل
معن الغادري
في حلب حسابات بيدر العام، الذي مضى وودعناه غير آسفين، لم تتطابق مع صندوق الدعم والإمكانات المتاحة. وكان بالإمكان أفضل مما كان، فيما لو وظفت الطاقات والجهود في المكان والزمان الصحيحين.
وفي وقت يعزو الكثيرون ممن هم في سدة العمل والقرار أسباب تراجع مؤشر الإنتاج، وتعثر تنفيذ المشاريع ذات الطابع الحيوي والاستراتيجي لضعف الموارد المالية، وما نتج من آثار وتداعيات سلبية نتيجة الحصار الاقتصادي، يرى البعض من المهتمين والمتابعين أن هناك جملة من العوامل الإضافية المؤثرة التي أدت إلى هذا التراجع في مؤشرات النمو، وانخفاض جودة التنفيذ، ونذكر منها – على سبيل المثال – غياب العدالة في تحديد الأجور والرواتب، ما أدى إلى حدوث خلل واضح في ميزان منظومة العمل المؤسساتي، زاد من حدته وأثره السلبي، الرغبة في التقاعد المبكر، وتزايد طلبات الاستقالة من العمل الوظيفي، وهجرة الخبرات والكفاءات، بحثاً عن فرص عمل أفضل لتحسين واقعهم المعيشي.
وقد أدى ذلك – كنتيجة طبيعية – إلى عدم القدرة على استخدام واستثمار الموارد الذاتية والبشرية والمالية بالصورة الأمثل، وبالتالي تفشى الفساد الإداري والمالي على نطاق أوسع، بالتزامن مع تراجع أداء وفاعلية الجهات الرقابية والاشرافية والوصائية، وهو ما تؤكده الوقائع والملفات المخفية أو المؤجلة وغير المحسومة، في حلب، على وجه التحديد، على الرغم من اكتمال عناصر وأركان الفعل الفاسد.
مما تقدم، نجد أن مردود العام الذي ودعناه بمره و قسوته، لم يكن بالمستوى المأمول، ما يتطلب رؤية مغايرة في طبيعة التعاطي مع متطلبات واحتياجات المرحلة الراهنة والمستقبلية، والبحث الجاد عن حلول مستدامة، وليس عن حلول مجتزئة، لمجمل المشكلات والملفات العالقة، وفي مقدمها الملف الاقتصادي والمعيشي.
ويبقى القول أننا محكومون بالأمل والتفاؤل، وهو ما يبني عليه الجميع، مع بدء العام الجديد، إلا أن الحاجة تبدو أكثر من ماسة وملحة لوجوه جديدة على قدر كبير من المسؤولية والكفاءة، قادرة على الخروج من طور الوعود المعسولة والشعارات الفضفاضة والرنانة إلى حيز التنفيذ والتطبيق الفعلي والميداني. ولعل الأهم مع بدء دورة العام الجديد هو التشدد في محاربة كل أشكال الفساد والمفسدين كخطوة أولى ومتقدمة على الطريق الصحيحة.