الثورة الصناعية الرابعة ترجح كفة الاستثمار في الفضة على الاستثمار في الذهب
البعث – وكالات
يلجأ الناس لشراء الذهب والفضة في حالات الانكماش الاقتصادي، والحروب، والاضطرابات الجيوسياسية، وكذلك خلال فترات طويلة من ارتفاع التضخم وغلاء الأسعار، ولعلّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: أيهما أفضل للاستثمار والادخار؟.
إن فهم الفرق بين كيفية استخدام المعدنين وحساسياتهما الاقتصادية، وخصائصهما التقنية يمكن أن يساعد في تحديد المعدن الأفضل لك للادخار والاستثمار، فعلى الرغم من أن الفضة كاستثمار لا تحظى بشعبية كبيرة مثل الذهب، فإنها في الواقع استثمار ذكي وعملي، وخاصة هذه الأيام، إذ تزداد أهمية الفضة كلّ يوم في عصر الثورة الصناعية الرابعة لدخولها في عدد كبير ومهمّ من الصناعات التي أنتجتها هذه الثورة بسبب قدرتها العالية على إيصال الكهرباء والحرارة والتي لا يدانيها فيها أي معدن آخر.
ويتمّ استخدام نحو 50% من الفضة الموجودة في العالم اليوم بالصناعات الثقيلة والتكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك أشباه الموصلات، والهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، والأنظمة الكهربائية للسيارات، وخلايا الألواح الشمسية، والمفاعلات النووية، والبطاريات، وطب الأسنان، والتصوير الفوتوغرافي، ورقائق “إل إي دي” (LED) ورقائق “آر إف آي دي” (RFID) (لتتبع الطرود والشحنات في جميع أنحاء العالم) والعديد من المنتجات والتطبيقات الصناعية الأخرى، وفقاً لمسح الفضة العالمي، ويطلق عليه “معهد الفضة” وهو مجموعة صناعية كبرى مقرها واشنطن، اسم “المعدن الذي لا غنى عنه”.
ونتيجة لذلك، فإن الفضة أكثر حساسية للتغيّرات الاقتصادية من الذهب، الذي له استخدامات محدودة نادراً ما تتجاوز أغراض صناعة المجوهرات والاستثمار، وعندما يزدهر الاقتصاد وتنمو الصناعة يصبح الطلب أعلى على الفضة، فيرتفع سعرها نتيجة لذلك، والعكس صحيح أيضاً في حالات الانكماش الاقتصادي وتباطؤ النشاط الصناعي، وربما تكون هذه أكبر سلبية للاستثمار في الفضة بسبب ارتباط أسعاره بالصناعة صعوداً أو هبوطاً، فهي أصل صناعي بالدرجة الأولى.
لكن، وفي ظلّ الثورة الصناعية الرابعة التي ما زالت في بداياتها، والصناعات العديدة المرتبطة بهذه الثورة التي تدخل الفضة فيها كمكون أساسي، فإن الطلب على الفضة في ازدياد مستمر، ومع الطلب يزداد سعرها فهي أصل ثمين وسيكتسب قيمة كبرى على المدى الطويل. ونظراً للعائدات، فإن شعبيتها ترتفع يوماً بعد يوم وكذلك سعرها، ومن وجهة نظر اقتصادية، فهي خيار استثماري طويل الأجل يمكن أن يعطي عوائد جيدة، وفق ما ذكرت منصة “بوليسي بازار” في تقرير لها مؤخراً.
وفي المقابل استخدم الذهب كأداة للتبادل التجاري منذ اكتشافه، وفي عصرنا الراهن، يعتبر العديد من المستثمرين الذهب أداة قوية لحماية ثرواتهم من تآكل القيمة، حيث يحتفظ الذهب بقيمته بمرور الوقت، وقد كان الذهب تاريخياً ملاذاً آمناً خلال أوقات عدم اليقين في السوق أو التوترات الجيوسياسية أو الأزمات الاقتصادية، وينظر المستثمرون إلى الذهب باعتباره مخزناً موثوقاً للقيمة يمكنه تحمّل اضطرابات السوق وتوفير الاستقرار، وفي مثل هذه الفترات، يميل الطلب على الذهب إلى الزيادة، مما يؤدي إلى ارتفاع سعره، ونتيجة لذلك، يحتفظ العديد من المستثمرين بالذهب في محفظتهم الاستثمارية خصوصاً إذا كانوا بحاجة إلى السيولة خلال فترة الركود الاقتصادي، وهي أسوأ وقت لبيع الأسهم لكنه أفضل وقت لشرائها، وهنا فإن وجود استثمار مسبق في الذهب يمكن أن يمنحك أصلاً قيماً للبيع خلال فترة الركود حتى تتمكن من شراء أصول الآخرين المقومة بأقل من قيمتها دون بيع الأصول الخاصة بك.
مقارنة تاريخية
لنفهم أكثر أيهما أفضل للادخار والاستثمار على المدى الطويل سنجري مقارنة تاريخية لأسعار كلا المعدنين على مر السنين.
في نهاية عام 1925، كان سعر أونصة الذهب 20.63 دولاراً، وفي نهاية عام 2020، بيعت أونصة الذهب بـ1893.66 دولاراً، وعلى مدار فترة 95 عاماً، حقق المعدن الثمين عائداً مركباً بنسبة 4.87% سنوياً.
يُشار إلى أن أسعار الذهب ختمت سنة 2023 عند مستوى قريب من 2063، بعدما كانت قد بلغت مستوى قياسياً عند 2100 خلال كانون الأول 2023 على مدار فترة 95 عاماً، حقق الذهب عائداً مركباً بنسبة 4.87% سنوياً.
وفي نهاية عام 1925، كان سعر أوقية الفضة 0.68 دولار، وفي نهاية عام 2020، بيعت أونصة الفضة بسعر 17.14 دولاراً، وعلى مدار فترة 95 عاماً، عاد المعدن الثمين بنسبة ربح 3.46% سنوياً.
يُشار إلى أن أسعار الفضة أغلقت فوق مستوى 24 دولاراً بنهاية عام 2023 وهذا يعني أن أداء الذهب كان أفضل من الفضة كاستثمار طويل الأمد.
ومع ذلك، علينا أن نتذكر أن الثورة الصناعية الرابعة ما زالت في بداياتها، وتدخل الفضة كمكون أساسي في العديد من الصناعات الجديدة والناشئة، إذ تعتبر الفضة أصلاً صناعياً، بينما يعتبر الذهب أصلاً استثمارياً لعدم دخوله في الكثير من الصناعات. ومن هنا قد يكون الاستثمار في الفضة أفضل في مقبل الأيام.