محليات

وحل المناهج التقليدية!

غسان فطوم
منذ أكثر من 20 عاما، نبّه المؤتمر التاسع للوزراء المسؤولين عن التعليم العالي في الوطن العربي، والذي عقد في دمشق عام 2003، إلى جملة من التحديات الخطيرة، كان من بينها تحدي العولمة التربوية، ولكن أكبرها وأخطرها تحدي امتلاك المعرفة والتقانة.
مبعث نبش ذكرى ذاك المؤتمر، الذي خرج بتوصيات ومقررات مهمة أسست لإستراتيجية عربية لتطوير منظومات التعليم العالي، أن جامعاتنا ومعاهدنا التقانية والعالية لم تستفد منها، بل استمرت بانتاج مخرجات جامعية غير ملائمة أو موائمة للتغييرات السريعة التي تحدث في العالم، فخلال العقدين الماضيين لم تنجح وزارة التعليم العالي في دفع أو حثّ جامعاتنا على إعادة هَيكَلة نفسها كي تتخلص من الاختلالات التي تعاني منها، وتساهم في تنوع الخيارات والبدائل أمام طالبي التعليم العالي على مستوى الشهادة الجامعية الأولى، أو في مرحلتي الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه)، لدرجة وصلت فيها الانتقادات إلى اتهام الجامعات بمنح شهادات عليا دون أدنى جهد بحثي يدل على جودة المنتج! لذا ليس من المستغرب أمام هذه الحال أن يستمر التعثر الذي يحول دون الوصول إلى آفاق علمية رحبة في زمن التحول الرقمي الذي يشهده العالم والذي من المفروض أن تكون الجامعات هي من تحمل لواء الدخول إلى هذا العالم الرقمي، لكن المشكلة أن جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية الأخرى ما زالت غارقة في ترسيخ أساليب التلقين والحفظ البصم وخزن واسترجاع المعلومات العقيمة!
المخضرمون من أساتذة الجامعة يستغربون التغني بما تحققه جامعاتنا من تَحسن في تصنيفها، وهي ما زالت عالقة في وحل المناهج التقليدية بدلاً من التوجه أو اعتماد مناهج التفكيك والتركيب والمحاكاة، والبحث عن طرق أكثر عدالة في التقييم لجهة الترقية العلمية أو فيما يتعلق باختيار وتعيين المفاصل الإدارية على أساس الخبرة والكفاءة وليس المحسوبيات.
بالمختصر، نحن اليوم أحوج من أي وقت مضى لمخرجات جامعية تساهم في دفع التنمية المستدامة خطوات إلى الأمام، وإحداث التغيير المنشود إنطلاقاً من كون التعليم العالي هو المكوّن للتحول وتحسين مهارات وصقل خبرات متخذي القرار ومولداً للقيادات الفكرية والعلمية والسياسية والإدارية وغيرها..” القادرة على قيادة دفة التنمية بمختلف مجالاتها، فالجامعات كما يقال هي عمود الاقتصاد للانتقال به من النموذج التقليدي الضيق الى النموذج الأكثر تطوراً باعتماده على المعرفة والتقنيات و البرمجة الحديثة.